أجبرت ضربات المقاومة الفاعلة في معركة "سيف القدس" وحالة التضامن الشعبي الواسعة مع أهل المدينة المقدسة، الاحتلال الإسرائيلي إلى التراجع مؤقتا عن مخططات تهجير أهالي حي الشيخ جراح بعد اهتزاز "قوة الردع" لديه.
غير أن الاحتلال، بحسب ما تؤكد شخصيتان مقدسيتان، يتحين الوقت الأنسب للانقضاض على أهالي الحي، معولا على تراجع حالة الزخم الفلسطيني الشعبي مع مرور الأيام.
خاضت فصائل المقاومة بغزة معركة دامت 11 يوما ضد كيان الاحتلال الإسرائيلي، افتتحتها بإطلاق صواريخ بعيدة المدى على مدينة القدس المحتلة، بعدما وجهت له "تحذيرا أخيرا" لوقف العدوان والقمع ضد السكان الفلسطينيين في الشيخ جراح.
نبيل الكرد أحد أصحاب المنازل المهددة بالتهجير في الشيخ جراح، بين أن الاحتلال ما زال يضيق الخناق على أهالي الحي خاصة في فترة المساء لكن أهالي الحي والمتضامنين معهم يظلون في المكان.
وبين الكرد لصحيفة فلسطين، أن هذا الوضع مستمر منذ أول رمضان الفائت حيث وضع جيش الاحتلال أربعة حواجز على مداخل الحي لتنغيص حياة السكان ومنعهم من الدخول والخروج له بحرية حتى إن أقاربهم لا يستطيعون زيارتهم.
وقال: "لا يسمح إلا بدخول المستوطنين حتى لو كانوا مسلحين، حيث يقتحمون الحي بكل أريحية"، مشيراً إلى أنه في الثامن من يونيو، هناك جلسة لمحكمة الاحتلال للتشاور القانوني بخصوص القضية.
وبين أن معاناة أهالي الحي مستمرة منذ عام 1972، والآن تُوِّجت بحصار الحي والاعتداء على سكانه بالضرب والقمع بطريقة همجية.
وأشار إلى أن أهل القدس متضامنون معًا حتى تحقيق أهدافهم بالصمود في أراضيها، مضيفا: "الآن رفعنا قضية في المحكمة الجنائية الدولية ونتمنى أن نحصل على حقوقنا من خلالها"، داعياً الشعوب العربية والإسلامية إلى التضامن مع "الشيخ جراح" أسوة بالشعوب الأوروبية.
بدوره، أكد عضو لجنة الدفاع عن أراضي سلوان، فخري أبو دياب، عدم وجود تطورات قانونية على موضوع تهجير أهالي حي "الشيخ جراح"، عازيًا السبب في ذلك لسعي الاحتلال لتخفيض "التوتر" بعد الهبة الجماهيرية الأخيرة ورد المقاومة في غزة.
وأوضح أبو دياب أن الاحتلال لمس تأثير القدس على الأراضي الفلسطينية وحتى الإقليم العربي، وعليه فقد يعمد إلى تأجيل أوامر التهجير إلى نهاية هذا العام "ليتحين فرصة وجود تراخٍ في العمل الميداني والجماهيري".
وأشار أبو دياب لـ"فلسطين"، إلى أن الاحتلال لم يلغِ أي قرارات قضائية سابقة، لكنه يحاول الالتفاف على الهبة الجماهيرية الفلسطينية خاصة المقدسية كما حدث في "باب العمود" بعد أن فقدت أجهزته الأمنية هيبتها وقدرتها على الردع في غزة والقدس.
وحذر من أن الاحتلال إذا وجد انخفاضا بالحراك الجماهيري فإنه سيستأنف هدم البيوت، قائلاً: "لكن حالياً لا زال الحراك الجماهيري حي في الشيخ جراح وأحياء القدس المهددة بالتهجير رغم محاولات الاحتلال التعتيم عليه باستهدافه الصحفيين مؤخراً وتضييق الخناق النفسي والاجتماعي على السكان".
وفي الوقت ذاته فقد توقف الاحتلال منذ أكثر من شهرين عن هدم البيوت بالقدس أو الاستيلاء على أي منها، فهو في غاية الحذر من القيام بأي عمل استفزازي بالمدينة المقدسة ولجأ لفترة من التهدئة ما حتى يأمن ردة فعل الشارع الفلسطيني على تصرفاته، وفق ما أضاف أبو دياب.
وأشار إلى أنه حتى المقدسيين الذين طُلب منهم هدم بيوتهم بأيديهم وانتهت المهلة الممنوحة لهم لم يجرؤ الاحتلال على اتخاذ أي خطوات بحقهم.
وشدد على أن حراك القدس والداخل وغزة أرعب الاحتلال وهو في هزيمة ولا يريد أن يحقق أهل القدس مزيد من الانتصارات التي سيكون لها نتائج سلبية جداً على الاحتلال على كل الأصعدة خاصة الاقتصادي منها.