اللوحة والقلم كانا السبيل الوحيد لتعبر عما بداخلها، وما يدور حولها من أحداث ودمار وعدوان وخوف، إلى جانب ما يمكن أن يدور في ذهن العالم الخارجي تجاه غزة، فلجأت إلى التعبير عن ذلك بطريقتها الخاصة، وهي الرسم، فاستثمرت الصور التي التقطها مصورون صحفيون للدمار والركام، وأضافت عليها لمسات لتظهر الغزي المحب للحياة، والمقاوم المدافع عن حقه وأرضه، رأت أن القلم واللوحة طريقتها في الدفاع عن القضية الفلسطينية وعما يدور في غزة، ونشر الحقائق.
الشابة آلاء الجعبري (25 عامًا) خريجة إدارة صحية من جامعة القدس المفتوحة، اكتشفت موهبتها منذ الصغر بمساعدة عائلتها التي كان لها الفضل بالتشجيع على ممارستها، حتى أدركت في سن معينة أنه لا بد للموهبة أن تصقل وتتطور، وكان ذلك في المرحلتين الإعدادية والثانوية.
تقول آلاء لصحيفة "فلسطين": "كنت أرسم كل ما يجول بخاطري وخيالي، وأحاول أن أستفيد وأتعلم من تجارب فنانين وفنانات، حتى بدأت مشاركات لي في العديد من المعارض الفنية، وأخيرًا أصبح بعض الكتاب ينتقون من رسوماتي لتكون أغلفة كتبهم لكونها تعبر عما في كتاباتهم، وأيضًا كنت أتعرف إلى الأساليب الفنية والمدارس الفنية بالبحث والمعرفة".
والجميل أنها لا تتقيد بمدارس فنية معينة أو موضوعات، فتعمل على رسم الحالات التي تعيشها، فتحمل اللوحة الواحدة الكثير من المشاعر والمعاني، فتعبر بذلك عن نفسها وعن أوضاع شعبها بالرسم أو موهبتها الأخرى الكتابة، لتنقل الصورة من داخل ذلك الصندوق الصغير الذي يسمى غزة للعالم الخارجي، وترى أنه يمكن للوحة أن تسافر إلى أي مكان من طريق مواقع التواصل الاجتماعي التي تتخذ منها منصات لنشر لوحاتها.
ترى آلاء أن الرسم وسيلة مفيدة لنشر القضية والحقائق بطريقة صادقة وتعبيرية، ففي العدوان الأخير على قطاع غزة لم تكن هناك فكرة محددة لنقل ما يحدث للعالم الخارجي، مستدركة: "ولكن كل ما كنت أعيشه من مواقف وما يمر حولي من أحداث كنت أعبر عنه بطريقتي الخاصة".
وتبين أنه لم يكن ذلك عبثًا أو مجرد تفريغ نفسي: "بل لأجل تعريف العالم العربي وكل من هو خارج غزة ما يجري فيها من عنف واضطهاد للغزيين على يد الاحتلال وغيره، ولإظهار كمية المأساة التي يعيشها الشاب أو الفلسطيني الغزي في داخل القطاع، كأنه في سجن منفي عن ذلك العالم، إلى جانب ذلك هو توثيق للأحداث التي نعيشها، وستكتب في كتاب التحرير، وستسرد للأجيال القادمة".
وتوضح أهمية أن يكون في يد كل فلسطيني سلاح يدافع به عن قضيته، ولذلك على كل واحد منهم أن يختار ما يجيد القنص به، ويستطيع به إيصال رسالته.
لكونها ابنة تلك المدينة تواجه عدة مشاكل، منها عدم تعرف كثير من الفنانين في غزة إلى بيئات وحياة العالم الخارجي، ولكن رغم ذلك يصنعون اللوحات التي يشعرون بها دون معايشة أي مواقف خارج القطاع، إضافة إلى قلة أعداد مراكز التدريب والورش الفنية القيمة واقتصارها على أشخاص معينين.
وتطمح آلاء إلى أن تستمر بتأدية رسالتها بالقلم واللوحة، وتصل للاحترافية لتتمكن من نقل رسائل الفلسطينيين إلى العالم بأي شكل من الأشكال، وينمو أداؤها ويتطور في مجال الفنون التشكيلية بكل أشكالها الرقمية أو غيرها من أنواع الفنون، وتشارك في معارض ومسابقات دولية، وتبدع في مجال الرسم للأطفال.