بعد مرور أسبوع على "جولة القتال" المندلعة بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحتلال الإسرائيلي ما زال المشهد متوترًا وقابلًا لزيادة حدة المواجهة على كل الصعد، في ظل تصاعد العدوان الإسرائيلي بحق أهلنا في القدس، وتورط العدو بجرائم حرب، وجرائم إبادة بحق المدنيين في غزة، إضافة إلى أشكال مختلفة من العدوان ضد أهلنا في الضفة.
وذلك في ظل رفض الاحتلال حتى الآن لكل شروط المقاومة المتعلقة بوقف العدوان في مدينة القدس والمسجد الأقصى، ورغبته في وقف متبادل ومتزامن لإطلاق النار دون تحقيق أي شروط تفرضها حماس ومعها بقية فصائل المقاومة.
الأمر الذي يدفع المقاومة لممارسة أقصى درجة من الضغط "العسكري" على العدو، وذلك من خلال استهداف كبرى المدن داخل أراضينا المحتلة ومنها (تل أبيب) المدينة الأكثر تطورًا وأمنًا وتحصينًا في المنطقة والتي لم يجرؤ أحد على استهدافها من قبل كما فعلت المقاومة.
هذا بالإضافة لنجاح المقاومة في صياغة أهدافها السياسية والوطنية من وراء هذه الجولة القتالية والتي كان في مقدمتها (القدس) وهذا ما شكل حالة من التضامن والإجماع الفلسطيني والعربي والإسلامي، لمكانة وقدسية القدس في وجدان الأمة، ولارتباطها بالعقيدة، والأرض، والثوابت، ولثقة الجماهير بقدرة المقاومة على خوض هذه المعركة وتحقيق النصر فيها في مواجهة العربدة الصهيونية.
وذلك في ظل النجاحات المتواصلة للمقاومة في غزة والتي حققت معادلة الرعب في نفوس الجنود والمستوطنين من خلال تفعيل أساليب خاصة تفرض (التهديد المسبق) بالقصف بل وتحديد توقيتات لذلك في أكبر تحدٍّ لجيش الاحتلال والمستوى السياسي داخل الكيان الذي ظهر مردوعًا أمام هذا التهديد وعاجزًا عن وقف الهجمات الصاروخية أو الحد منها تجاه الجبهة الداخلية.
يحدث ذلك في ظل نجاحات أخرى حققتها المقاومة من خلال قدرتها على كشف زيف الرواية الإسرائيلية وفضح هذه الماكينة الإعلامية التي تواصل إنتاج الأكاذيب وتسعى لممارسة وسائل التضليل أمام الرأي العام، فقد قدمت المقاومة بإعلامها المميز وبتضامن من كل وسائل الإعلام الفلسطينية والعربية والإسلامية جهدًا كبيرًا حين نقلت صور العدوان والجرائم، ووثقت ضربات المقاومة ضد الأهداف الإسرائيلية.
الأمر الذي يجعل قادة العدو الإسرائيلي يتوسلون إنهاء هذه الجولة وعودة الهدوء على عكس ما يصرحون به في وسائل الإعلام، لأن جزءًا من جهود الوسطاء جاءت بطلب إسرائيلي بعد أن فقدوا القدرة على تحقيق صورة النصر وعجزوا عن تحقيق أي أهداف ملموسة يمكن أن يتم تسويقها للجمهور الإسرائيلي ولوسائل الإعلام التي تراقب الحدث وتتابعه بعناية.
لكن اللافت أن معادلة الضغط على تل أبيب حققت مكاسب كبيرة دفعت المستوى السياسي والأمني والعسكري داخل الكيان لمراجعة حساباته جيدًا فيما يتعلق بمدى الاستمرار في هذه الجولة من عدمه بعد الفشل الذريع في توفير الحماية اللازمة لهذه المدينة وسقوط كل أنظمة الدفاع فيها.
وبالتالي هذا ما يفسر تصميم المقاومة على تثبيت هذه المعادلة التي تفرضها الآن على قادة الكيان، فمع كل هجوم على المدنيين في قطاع غزة يتم قصف تل أبيب بعشرات الصواريخ الثقيلة التي تحدث ضررًا مباشرًا بكل المنشآت الحيوية فيها، وتزيد من حجم الضغط الواقع عليه لإجباره على وقف العدوان.
لذلك فإنه وعلى الرغم من المأزق الحقيقي الذي يعيشه الكيان فإنه غير قادر حتى الآن على تحقيق شروط المقاومة والتي تشكل إحدى أكبر الانتكاسات له ولأمنه ولسياساته في القدس، لأن الموافقة تعني أن حركة حماس وبقية فصائل المقاومة نجحوا تمامًا في فرض معادلة جديدة تربط المقاومة في غزة بما يجري في القدس.
وهذا ما يفسر فشل جهود الوسطاء في إنهاء هذه الجولة حتى الآن في ظل عدم قدرة الوسطاء على ممارسة الضغط على الاحتلال لتنفيذ الشروط، وفقدانهم أي ضمانات يمكن أن تقدم في هذا السياق لضمان وفاء العدو بالتزاماته، الأمر الذي يجعل أي مهمة لوقف إطلاق النار أو تحقيق الهدوء مهمة صعبة المنال حتى الآن ما لم يتراجع الاحتلال عن عدوانه ويرضخ لشروط المقاومة.