الكلمة التي قدمها الناطق العسكري باسم كتائب القسام ما بعد ظهر اليوم أعمق بكثير مما قيل فيها، وحملت رسائل ومضامين بعضها يمكن قراءته، وبعضها الاخر "ستتكشف تفاصيله" ودلالاته خلال الساعات وربما الأيام القادمة، حيث حرص أبو عبيدة على توجيه رسائل مباشرة، وترك تفاصيل أخرى بين السطور يمكن قراءتها وفق ما يلي:
أولا: تثبيت معادلة خاصة متعلقة بالقدس تحاول فرضها كتائب القسام من خلال هذه الجولة، وافشال محاولات فصلها عن باقي الجغرافية الفلسطينية، على اعتبار أنها (مركز الصراع)، وبوصلة التوجيه، والمساس بها أو العدوان عليها سيستدعي في كل مرة تفجير مواجهة كبرى في وجه الاحتلال.
ثانيا: التأثير المباشر على "الجبهة الداخلية الإسرائيلية" وإظهار مدى عجز حكومة وقيادة الاحتلال السياسية والأمنية، وبالتالي تشكيل ضغوط إضافية على صانع القرار داخل الكيان، ودفعه للتراجع عن عدوانه، وإظهار أن هجمات المقاومة مرهونة بسلوك الاحتلال إذا ما فكر بالتوقف عن العدوان والتزم بمطالب وشروط المقاومة.
ثالثا: تثوير وتحفيز الضفة الغربية والقدس وال 48 لتصعيد حالة الاشتباك مع الاحتلال، ودعوتهم لتنفيذ عمليات مباشرة ضد الأهداف الإسرائيلية ليكونوا امتداد طبيعي لما يجري من فعل مقاوم في غزة، منطلقين من دعم واسناد المقاومة في هذه اللحظة والتي قدمت تضحيات كبيرة من أجل مراكمة هذه القوة التي تستخدمها الان لردع العدو.
رابعا: استعراض حجم القوة التي تمتلكها كتائب القسام والتلويح باستخدام وسائل ومقدرات عسكرية خلال الساعات القادمة، فيما يظهر بأن الكتائب ذاهبة لنقل هذه الجولة القتالية لمراحل أخرى "تحمل تحولا" في مشهد المواجهة، وقد ظهر ذلك من خلال ادخال الصواريخ الثقيلة ومنها صواريخ عياش (250) وإدخال الطائرات المسيرة لمسرح العمليات.
خامسا: اثبات فشل الهجمات الجوية التي ينفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي، وكشف حجم الخيبة التي مني بها قادة الاحتلال بزعمهم القضاء على الجزء الأكبر من القدرات الصاروخية للقسام، وإظهار مدى تماسك وصمود المقاتلين على الأرض وعدم تأثرهم بأي تهديد أو استهداف، الامر الذي يمكنهم من إطلاق الصواريخ دون الشعور بأي خوف أو تردد، وهذا ما يفهم من قوله بأن إطلاق الصواريخ أسهل علينا من شربة الماء.
سادسا: إيصال رسائل للعديد من الأطراف بأن حماس وكتائب القسام تملك وحدها قرار إطلاق الصواريخ، ولا يمكن لاحد أن يمارس ضغوطا عليها مهما كان وزنه وثقله الإقليمي أو الدولي، وقرارها نابع من إدراكها واحساسها بالمسؤولية الوطنية التي تفرض الدفاع عن أهلنا في القدس وكافة الأرض الفلسطينية.
سابعا: أن القدرات الصاروخية التي تستعرضها الكتائب والتي دكت بها الأهداف الصهيونية هي "الأعنف والاقوى" في تاريخ الصراع مع العدو، ولم يسبق أن تعرض الكيان لاي هجمات مماثلة سواء من ناحية (المديات، الكثافة، حجم التدمير)، وأن ما قصفته الكتائب يقيم الحجة على كل الجيوش والأنظمة في المنطقة، والتي لم تتحرك لنجدة القدس والمسجد الأقصى، ولم تفلح في تاريخها بقصف ما يضاهي الحد الأدنى من هذه الضربات الصاروخية.
ثامنا: الإشادة بحالة التضامن والاحتضان الجماهيري للمقاومة ولفعلها على الأرض والتي تعاظمت بشكل ملحوظ في هذه الجولة وامتدت من "غزة للضفة لل 48 إلى العمق العربي والإسلامي"، الأمر الذي وفر بيئة مناسبة أدت لتثبيت فعل المقاومة واسناد توجهها وتعزيز صمودها على الأرض.
وختاما/ يبدو أن أبو عبيدة يتوعد القوات التي تتحشد بالقرب من السياج الفاصل مع قطاع غزة، في إشارة إلى أن الكتائب متجهزة لهذا السيناريو، ومستعدة للتعامل معه بشكل فوري، في ظل امتلاكها لقدرات خاصة ومنها؛ الأسلحة الرشاشة، وقذائف الهاون، والصواريخ المضادة للدروع بأجيالها، بالإضافة للعبوات المختلفة، هذا الى جانب الاف المقاتلين المدربين، فضلا عن شبكات الانفاق التي تشكل أكبر تهديد حقيقي على هذه القوات ما يجعلها عرضة للقتل أو الأسر.