فلسطين أون لاين

العداء الأمريكي لحماس..مسارات قديمة جديدة من العنصرية والكراهية

...
جيسون غرينبلات (يساراً)
غزة / القدس المحتلة - يحيى اليعقوبي

رغم منح القوانين الدولية الشعوب المحتلة الضوء الأخضر لمقاومة احتلال أرضهم بشتى الطرق والوسائل بما في ذلك المقاومة المسلحة، تصر الولايات المتحدة الأمريكية في المقابل على مناقضة تلك القوانين التي وقعت عليها، بانحيازها الكامل لكيان الاحتلال الإسرائيلي.

الموقف الأمريكي من حركات المقاومة الفلسطينية عكسه تصريح مبعوث الرئيس الأمريكي للشرق الأوسط جيسون غرينبلات الذي صرح مؤخرًا، عقب لقائه والدي الجندي الإسرائيلي الأسير لدى حركة حماس في غزة هدار غولدن، بأن على حماس "أن تخجل من أفعالها غير الإنسانية"، على حد تعبيره، وذلك بسبب استمرارها في أسر الجندي منذ الحرب العدوانية الأخيرة على القطاع صيف 2014م.

غرينبلات لم يتطرق في كلامه إلى معاناة 7 آلاف أسير فلسطيني في سجون الاحتلال، ولم يشر إلى 1600 أسير كانوا يخوضون إضرابًا مفتوحًا عن الطعام استمر لمدة 40 يومًا متواصلة وأدخل خلاله العشرات منهم إلى المستشفيات بعد تردي أوضاعهم الصحية.

تصريح المبعوث الأمريكي ليس جديدا في الموقف، بل سبقه في ذلك رأس الهرم السياسي في الولايات المتحدة، حيث وصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حركة حماس بأنها "إرهابية" وذلك في 21 من مايو/أيار الجاري خلال القمة العربية الإسلامية الأمريكية التي عقدت في مدينة الرياض بالسعودية.

لكن العداء الأمريكي لحماس باعتبارها رأس المقاومة الفلسطينية بدأ عام 1996، حينما اعتقلت السلطات الأمريكية في مطار نيويورك في تموز/ يوليو رئيس المكتب السياسي لحماس حينها د.موسى أبو مرزوق، وعلى إثر ذلك تولى خالد مشعل رئاسة المكتب خلفًا له.

كذلك، كانت الولايات الأمريكية قد منعت منذ عام 1993 أي اتصال بحركة حماس وقادت القمة العربية في شرم الشيخ عام 1996 المخصصة لحركة حماس، وفي 2001 قامت باعتقال وملاحقة المقربين من الحركة بالولايات المتحدة، وجرّمت كل مواطن أمريكي يتصل بها أو يساعدها.

وأدرجت وزارة الخارجية الأمريكية، في السادس من أبريل/ نيسان الماضي، أحمد الغندور القيادي في كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس على قوائم "الإرهاب"، ليضاف إلى أربعة من كبار قادة حركة حماس وهم: فتحي حماد، ويحيى السنوار، وروحي مشتهى، ومحمد الضيف.

مواقف سابقة

رؤساء الولايات المتحدة منذ بيل كلينتون وحتى اليوم اعتادوا أيضا انتقاد حركة حماس، وإن كان بتفاوت وفقًا لطبيعة المرحلة.

ففي عهد الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون صاحب الولايتين المتتاليتين بين 1993- 2001، كانت تصريحاته ضد حركة حماس تأتي على شكل استنكار للعمليات الاستشهادية ضد الاحتلال ومستوطنيه، واتهم كلينتون حركة حماس دومًا "بتخريب" عملية التسوية.

وصرّح خلفه جورج دبليو بوش كثيرًا ضد حركة حماس مع تزامن ولايته ولهيب انتفاضة الأقصى، ودعا إلى ضرورة التعامل بقساوة ضد حماس.

وقال بوش إثر اغتيال قادة حماس وأبرزهم الشيخ أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي: "يجب على العالم الحر ومؤيدي السلام والحرية التعامل بقبضة قوية ضد حماس وضد القتلة"، وفق تعبيره، وطالب "بمنع إيصال الأموال إلى أعداء السلام"، كما قال.

أما باراك أوباما، فرغم خلافاته المتعددة مع حكومة الاحتلال لكن ذلك لم يمنعه من إظهار عداء إدارته لحركة حماس سواء قبل وصوله للرئاسة أو بعد فوزه بالانتخابات.

ومن أبرز تصريحات أوباما ضد حماس حين قال: إنه "يجب مواصلة العداء والحصار على حركة حماس حتى تتوقف عن دعم الإرهاب، وأنه لا مكان للمنظمات الإرهابية على طاولة المفاوضات وهذا أحد أسباب رفضي لانتخابات عام 2006 التي فازت بها حماس".

الضغوط ذاتها

أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الإسلامية بغزة وليد المدلل، يرى أن موقف الولايات المتحدة من حماس قديم جديد، خاصة أن وزارة خارجيتها تدرج كل فترة شخصيات جديدة على "قوائم الإهاب"، من ضمنهم قيادات بحركة حماس.

وأوضح المدلل لصحيفة "فلسطين" "أن الجديد في الموقف الأمريكي هو وصف ترامب لحماس بالإرهاب أمام محفل عربي وإسلامي دون أن يتم الرد عليه من أي من الزعماء العرب".

وعدّ أن تصريح المبعوث الأمريكي ضد حماس، "أمر طبيعي في ظل التساوق الأمريكي مع الاحتلال"، عادًّا ذلك مخالفًا للحقيقة، لأن من قام بأسر الجنود الإسرائيليين "مقاتلو حرية وهذا جائز بالقانون الدولي".

وأضاف المدلل أنه يمكن أن يترتب على الموقف الأمريكي من حماس إيعاز واشنطن لأطراف إقليمية، بالضغط على حماس بموضوع الجنود الإسرائيليين المفقودين، باعتبار أن أمريكا تضغط على وتر الجانب الإنساني في عملية الأسر، قد تؤدي لزيادة الحصار الاقتصادي والسياسي على الحركة، مستبعدًا أن تنجح أمريكا في إحداث ضغط على حماس، لأن هذا الأمر مورس من قبل ولم ترضخ المقاومة.

تصريحات عنصرية

رئيس لجنة أهالي الأسرى المقدسيين أمجد أبو عصب، يرى أن تصريحات المبعوث الأمريكي ليست جديدة، واصفًا إياها بأنها "تصريحات عنصرية تتساوق مع الموقف الأمريكي الأعمى للاحتلال، الذي يحول المقاتلين الذين يدافعون عن أوطانهم لإرهابيين".

وقال أبو عصب لصحيفة "فلسطين": "إن تصريح المبعوث الأمريكي تجاه حماس ينم عن عنصرية كبيرة وكره شديد للحقيقة"، لافتًا الانتباه إلى أن جنود الاحتلال لم يكونوا بنزهة خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة صيف عام 2014م، بل كانوا يشنون حربًا على أهالي القطاع دمروا خلالها آلاف المنازل.

وتابع: "ما قامت به المقاومة بأسر جنود الاحتلال يأتي في إطار الدفاع عن الأرض والعرض"، لافتًا إلى الشروط الإسرائيلية والأمريكية خلال صفقة "وفاء الأحرار" القاضية بعدم الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين من ذوي المحكوميات العالية، الأمر الذي انتهى باستجابة تلك الأطراف لمطالب المقاومة الفلسطينية.

وعدّ أبو عصب أن تجاهل الولايات المتحدة لمعاناة ما يزيد على 1600 أسير فلسطيني أضربوا عن الطعام لمدة 40 يومًا، يدلل على التواطؤ الأمريكي في الموقف مع الاحتلال، موضحا أن الأمريكان دائما في دعايتهم الانتخابية وفي أجندتهم يتسابقون في منح الدعم والتأييد والتأثير للاحتلال من أجل الحصول على رضا اللوبي الصهيوني.

ولفت الانتباه إلى أن الولايات المتحدة تتغاضى عن ظلم الاحتلال للأسرى الفلسطينيين وتتناسى مشاعر أمهاتهم وأبنائهم، عادًا تصريح المبعوث الأمريكي "عدوانيًا وجزءًا من الحرب التي يشنها الاحتلال وأمريكا لوقف مخصصات الأسرى".