فلسطين أون لاين

​مظاهر رمضانية قرب الجدار الفاصل

...
جدار الفصل العنصري (أ ف ب)
قلقيلية - مصطفى صبري

مدينة قلقيلية في شمال الضفة الغربية كانت من أولى المدن الفلسطينية التي حوصرت بالكامل بالجدار العنصري، الذي عزل أراضيها وضم جزءًا منها إلى كيان الاحتلال، وكان المزارع الفلسطيني والعامل فيها من أكثر الفئات تضررًا، إضافة إلى التجار الذين تحولوا إلى فئة منكوبة بكل ما تعنيه الكلمة.

استراحات

العديد من الاستراحات المسائية أقيمت بجانب الجدار العنصري من الجهة الغربية، في خطوة فيها تحد وإصرار على إشغال كل مكان في المدينة طاله الحصار.

هذه الاستراحات لا تبعد عن الجدار سوى أمتار قليلة، يقدم فيها كل شيء للزبائن بعد الإفطار: مشروبات ساخنة وباردة، وأشياء أخرى مما يطلب الزبائن، وفيها شاشات التلفزة الكبيرة.

صاحب الاستراحة يوسف عوينات قال: "هذه الاستراحة أقيمت بعد إقامة الجدار حول قلقيلية، وكان جنود الاحتلال يطلقون الرصاص المطاطي، والقنابل المسيلة للدموع، وغيرهما على كل من يقترب من الجدار، لكن الزبائن يصرون على المجيء، وقضاء أوقات في تلك المنطقة.

إفطار على البوابة

من ظاهرة استراحات الجدار إلى ظاهرة الإفطار في شهر رمضان عند البوابة العنصرية، وهذه البوابات في محافظة قلقيلية يصل عددها إلى 22 بوابة عنصرية، تتحكم برقاب مئات المزارعين من أبناء المدينة والقرى المجاورة المعزولة خلف الجدار أراضيهم وقراهم.

التفتيش الدقيق وإغلاق البوابة بمزاجية يؤديان إلى تأخير عودة المزارعين، وهنا يضطر المزارع في قلقيلية بسبب تأخره عند العودة من أرضه مساء ودخول موعد الإفطار أن يأكل بعض الثمار بعد حلول موعد الفطور في شهر رمضان، بالقرب من البوابة تحت حراب جنود الاحتلال الذين يحرسونها.

المزارع الستيني أحمد زيد قال: "أذكر في الأعوام السابقة أنني اضطررت إلى الإفطار عدة أيام مع مزارعين بالقرب من البوابة، بسبب تأخرنا عن موعد فتح البوابة مساء، فعاقبنا الحراس بالبقاء حتى حلول الظلام وانتظار الأوامر بفتح البوابة".

وأضاف: "هذه الظاهرة أصبحت دارجة لدى حراس البوابة الذين يتعمدون تأخيرنا لئلا نفطر في منازلنا مع الأهل، ويقولون لنا بسخرية: (رمضان كريم)".

اللعب قرب الجدار

فتية قلقيلية يستغلون المساحة الفارغة بين الجدار ومنازلهم والمرصوفة بمادة (بسكورس) في اللعب واللهو بعد العصر، فالجدار المرتفع قرابة ثمانية أمتار يحجب أشعة الشمس، ويستغل الفتية والأطفال الظل الممدود تحت ألواح الجدار الإسمنتية فيلهون ويلعبون، وحراس الجدار من داخل الأبراج يراقبون أفعالهم، وفي بعض المرات يخرجون من أبراجهم يصرخون ويشتمون، ويقابلهم الفتية باللعب والتكبير.

الفتى خالد عامر (15 عامًا) قال: "في شهر رمضان يتدافع أبناء الحي الغربي لقلقيلية نحو ساحات الجدار الفارغة، ويستغلونها في عقد مباراة لكرة القدم، فهي خالية من السيارات والمزروعات، وصراخ الفتية والأطفال يخترق الجدار وأبراج الحراسة"، مضيفًا: "وفي بعض المرات يحضر الفتية طعامهم ويصنعون مائدة طعام كبيرة يتشارك فيها عشرات الفتية والأطفال، ويغيظون بفعلهم هذا حراس الجدار الذين ينظرون إليهم بحقد دفين، وفي أوقات المساء عند حلول الظلام نستفيد من الأضواء الكاشفة الموجودة على الجدار العنصري".

وأشار إلى لعب الأطفال والفتية بالطائرات الورقية، التي تتجه أحيانًا إلى الغرب في حالة الجو الخماسيني والرياح الشرقية، "وفي هذه الأحوال الجوية تُقلِع الطائرات إلى الغرب لتخترق الجدار دون تصريح" عقب الطفل عامر ساخرًا.