فلسطين أون لاين

زينات عويضة.. مُسنَّة شاهِدة على بسالة شباب القدس

...
القدس المحتلة-غزة/ مريم الشوبكي:

كعادتها تخرج زينات من بيتها في قرية العيسوية التي تقع إلى الشمال الشرقي من البلدة القديمة للقدس قاصدة المسجد الأقصى لأداء صلاتي العشاء والتراويح في باحاته، تمر في طريقها من باب العمود الذي كان أخيرًا شعلة التحدي للاحتلال.

في مقطع فيديو انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي لشبان مقدسيين يفاوضهم ضباط الاحتلال للابتعاد عن المدرج، فيكون ردهم: "رمضان ما بيحلى إلا على الدرج"، وبالفعل أصبح الشبان يتجمعون ويؤدون الصلاة في الباحة تحت المدرج رغم أنف المحتل.

كانت زينات عويضة (65 عامًا) والشباب المقدسي الثائر يؤدون صلاة التراويح على مدار أيام التظاهر بالقرب من باب العمود، بعد الانتهاء لا ينفكون عن الهتاف حتى بزوغ الفجر: "يا نتنياهو يا جبان عز الأقصى ما بينهان" "نموت وتحيا فلسطين"، مع كل هتاف يتراقص قلبها فخرًا بالشباب الثائر الذي يدافع عن شرف الأمة بصدره العاري.

تقول زينات لصحيفة "فلسطين": "لا أنسى حديث شابين في مقتبل العمر، في السيارة التي كنا نستقلها حيث المسجد الأقصى، أحدهما يخبر الآخر: لا أزال صغيرًا، وأريد أن أتزوج، فيرد عليه الآخر: روحي ليست أهم من كرامتي وشرفي".

تضيف: "حينها شعرت بالنشوة والفخر بالشباب الذي لم يخشَ الاعتقال ولا الضرب ولا التنكيل، بل بعد اعتقاله والتنكيل به يعاود التظاهر ومشاركة المتظاهرين الهتاف، فالمنظر يشرح القلب، إذ كانوا يرسلون رسائل عبر مجموعات الواتس آب للتجمع من أجل التظاهر أمام باب العمود".

الضغط على المقدسيين بالترحيل من بيوتهم مؤخرًا من حيي سلوان والشيخ جراح وهدم البيوت، إضافة إلى اعتداءات المستوطنين على المصلين، ودعوتهم للتظاهر الساعة العاشرة ليلًا بعد الانتهاء من صلاة التراويح، كلها أدت إلى انفجار المقدسيين في وجه المحتل وأرغموه على الرضوخ إلى مطالبهم.

وإن كانت زينات لا تشارك في بعض الأحيان بالهتاف مع الشباب، فإنها كانت تنقل صورة المظاهرة أولًا بأول عبر هاتفها المحمول وتنشرها عبر منصات التواصل الاجتماعي، لتجيش الرأي العام تجاه قمع الاحتلال وجبروته ضد شباب عزل ما يريدونه هو أداء صلواتهم بحرية دون حواجز واعتداءات يومية.

وتستذكر زينات هبة باب الأسباط عام 2017م، حينما أرغم المقدسيون بثورتهم وتظاهرهم الاحتلال على إزالة البوابات الإلكترونية، واليوم يكرر المشهد نفسه، فلم يعد هناك مجال لكسر شوكة المقدسيين حينما يتعلق الأمر بالمسجد الأقصى: "أحسست بعز، فالمقدسيون لا يخافون من الاحتلال، لم يعد يهمهم الاعتقال".

كان الشباب المتظاهر في حي المصرارة الذي احتل المستوطنون بعض البيوت فيه سنة 1948، يحاولون أن يستجمعوا قواهم ثانية بعد أن رشهم الاحتلال بالغاز والمياه العادمة التي سببت حالة من الاختناق لهم، سمعوا أن بعض المستوطنين يريدون الهجوم عليهم، بلا حجارة بل بصدورهم العارية انطلقوا يركضون نحوهم لردعهم عن مهاجمة بقية المصلين.

والمشهد الحاضر ليلة الـ13 من رمضان انتصار إرادة المقدسيين التي أجبرت الاحتلال على إزالة حواجزه من باب العمود، رفع الشباب الثائر علم فلسطين وهم يهتفون ونظرات الجنود التي كانت تنطق غيظًا وكيدًا، إذ يمنعون ويعتقلون كل من يرفع علمًا على منزله أو مجرد أن يحتفظ به داخل بيته.

وتهنئ زينات الشباب المقدسي بالاستمرار في دفاعه عن الأقصى، حتى وإن تعذر وجود كبار السن يوميًّا وأن يشاركوا في المواجهات إلا أنهم يدعمونهم ومعهم قلبًا وقالبًا.

وتختم حديثها: "هجرة وهجرونا، ونزوح ونزحونا، جربنا الغربة وعدنا إلى بلادنا مرة ثانية، لم يبق أمامنا شيء نخسره، لا يوجد عزة للمسلم إلا ببلده".