يواصل السيد إسماعيل هنية اتصالاته السياسية بعدد من الشخصيات والزعماء والقادة على مستوى العالم العربي والإسلامي في ظل الفراغ القيادي الذي يعيشه شعبنا بعد أن تخلت قيادة السلطة الفلسطينية عن الاضطلاع بدورها الوطني والأخلاقي تجاه قضية القدس وقد بدا واضحًا قصور الإعلام الرسمي للسلطة وغاب دورها الدبلوماسي في ظل وضع سياسي وميداني وأمني متدهور.
هنية الذي يرأس المكتب السياسي لحركة حماس يستشعر حجم المخاطر التي تهدد القضية، والتي تمثلت في: محاولات تهجير 28 عائلة فلسطينية في حي الشيخ جراح، والعدوان على أهالي حي باب العمود، واقتحام المسجد الأقصى، والاعتداء على المرابطين، ومنع إقامة الصلاة، وحماية اقتحامات المستوطنين المتطرفين، وصور أخرى.
وذلك في إطار حشد الدعم للقضية الوطنية وفي القلب منها قضية القدس التي تنتفض في هذه الساعات وتلتحم في مواجهة شعبية عارمة في وجه الاحتلال، فتحرك هنية في كل اتجاه طوال الأيام والساعات الماضية حقق زخمًا حقيقيًّا من النواحي الإعلامية والسياسية وانعكس ذلك أيضًا على صمود الجماهير في القدس، وعلى المزاج العام لدى الجمهور العربي والإسلامي.
وقد ظهر ذلك جليًّا من خلال التصريحات التي بدت تتواتر في الإعلام حول تجريم ما يحدث من قبل الاحتلال والدعوات لوقفها ودعم صمود المقدسيين، الأمر الذي فتح المجال واسعًا لأغلب المنصات العربية والإسلامية لتوسيع وتكثيف تغطيتها لما يحدث في القدس انسجامًا مع توجهات القيادة السياسية في تلك البلدان، والتي استجابت بعضها للاتصالات التي تجريها حماس برئاسة هنية.
وحتى على صعيد الجماهير العربية والإسلامية فقد شهدنا بعض التحركات التي أخذت في التصاعد سواء في الميادين من خلال؛ المسيرات الحاشدة، والوقفات، والاعتصامات، والتفاعل في وسائل التواصل الاجتماعي، استجابة وتلبية لنداء الواجب الوطني والعروبي بعد دعوات هنية لتوفير دعم وإسناد عربي ممتد في العالم الإسلامي لحماية وإنقاذ القدس.
ولا تزال هذه القيادة تستخدم خياراتها السياسية المتاحة وتبذل جهودًا سياسية مكثفة، وقد أعلن خلال الساعات الأخيرة عن برقية عاجلة صدرت عن هنية ووصلت إلى زعماء العالم العربي والإسلامي والتي حملت مضامين بالغة الأهمية تركزت في استعراض آخر المستجدات الخطرة التي تتهدد القضية والتي تستوجب مواقف عاجلة وحازمة بما يناسب حجم القضية التي يجري المساس بها والعدوان عليها وعلى أهلها.
وعليه فإن استمرار هذه الجهود من شأنه أن يحقق مكاسب سياسية كبيرة نذكر أبرزها: 1- حشد الدعم العربي والإسلامي لقضية القدس ووضع الزعماء أمام مسؤولياتهم، 2- تعزيز صمود المقدسيين وتوفير الغطاء السياسي والوطني لتضحياتهم وانتفاضتهم ضد الاحتلال، 3- دفع زعماء المنطقة لإطلاع المجتمع الدولي على حقيقة ما يجري وفضح المؤامرة التي ترتكبها حكومة الاحتلال، 4-إحراج الاحتلال وممارسة ضغوط إضافية عليه لوقف إرهابه المنظم وسياساته التوسعية الإحلالية ومنعه من الاستفراد بشعبنا، هذا من جانب.
ومن جانب آخر فإن التحركات السياسية التي يجريها رئيس المكتب السياسي لحماس تعطي شرعية كافية للمقاومة الفلسطينية وتشكل مظلة وطنية لأي خطوة قادمة يمكن أن تقدم عليها المقاومة سواء كان الفعل منطلقًا من غزة أو الضفة الغربية والقدس وذلك بعد أن وضع الزعماء في المنطقة أمام مسؤولياتهم السياسية وبعد أن تم تعرية وفضح ممارسات الاحتلال العدوانية التي ما زالت متصاعدة وتفرض ردًّا من المقاومة يردع الاحتلال ويلجمه ويفرض عليه (معادلة غير مألوفة) تضطره للتراجع الفوري عن خطواته الحالية.
لذلك فإن المطلوب "تثمين هذه الجهود" وطنيًّا والالتفاف حولها والبناء عليها لأن الموقف والميدان يفرضان قيادة صادقة وأمينة على مصالح وحقوق شعبنا، والمشهد أظهر ذلك بكل وضوح، وبين المفارقة العجيبة بين من يحشد كل الطاقات لرد العدوان، وبين من لا يجرؤ على تقديم موقف سياسي، وما زال يراهن على مظلة السلام ويقمع شعبنا في الضفة ويمنعه من تشكيل أي دور مساند للقدس وأهلها في حالة من التماهي مع المصالح الإسرائيلية التي تتمثل في تنسيق عالي المستوى يهدف إلى إخماد نيران الضفة ومنع تثويرها بأي صورة.