فلسطين أون لاين

آخر الأخبار

في "العشر الأواخر".. الأقصى ينبض بمصلّيه ويتزيَّن بولائم "التحدي"

...
عايدة الصيداوي
القدس المحتلة-غزة/ مريم الشوبكي:

تنتظر القدس كل من يصل إليها من أهلها الفلسطينيين، الذين يعيدون إليها الروح في شهر رمضان، أسواقها ومساجدها، وباحات أقصاها تفتح ذراعيها لهم من الضفة الغربية والأراضي المحتلة سنة 1948، حيث يتوقون إلى الصلاة فيها سيما في ليلة القدر.

في العشر الأواخر من رمضان تتحول ليالي البلدة القديمة إلى نهار، متاجرها تنتعش بخلاف أشهر السنة، تتجمل المدينة العتيقة بتكافل أبنائها الذين يتطوعون لخدمة المصلين والزوار يوزعون عليهم التمور وزجاجات المياه والقهوة بعد التراويح.

"رمضان في القدس لا يشبه أي رمضان في أي عاصمة من العواصم الإسلامية الأخرى، بسبب وجود الاحتلال الإسرائيلي وتنغيصه على المصلين في الأقصى، كل المساجد تعتكف منذ اليوم الأول للشهر الفضيل، إلا الأقصى تغلق أبوابه أمام المعتكفين" بهذه الكلمات استهل المقدسي أسامة برهم كلامه عن حال القدس في رمضان.

يضيف برهم لصحيفة "فلسطين": "أما العشر الأواخر فقصة أخرى، تُدخل (شرطة الاحتلال) المصلين إلى المصلى القبلي بعد صلاة التراويح، ويتطلب تجديد وضوئهم تنسيقا معها، يكونون كالأسرى، يأتي إليهم الجنود ليخرجوهم إلى المتوضأ الساعة الثانية فجرا".

لا يهدأ الأقصى في رمضان من اقتحامات عناصر شرطة الاحتلال، حيث يفحصون هويات المعتكفين، فيضطر أهل الضفة الذين لم يتمكنوا من الحصول على تصاريح لدخول عاصمتهم إلى التواري حتى ينفضوا.

وجدار الفصل العنصري الذي يفصل القدس عن بقية مدن الضفة التي تبعد 20 دقيقة عنها في الوضع العادي، يحول دون وصول المقدسيين إلى أقاربهم خلف الجدار في أيام رمضان وتبادل زيارات الأرحام.

يصف برهم ليلة القدر أنها الأكثر تميزا في المدينة، حيث تقصدها الحشود من كل فج عميق، قائلا: "هي أعظم احتفالية موجودة في كل العام، كل من يستطيع الوصول لا يتوانى عن الوجود في الأقصى، أشبه باحتفالية بالنصر، وهو يوم الجمع الوحيد بيننا وبين إخواننا خارج القدس وضواحيها".

ويتابع برهم: "حتى عدد من أهل غزة نجتمع بهم في الأقصى وهم يشكلون وجع القلب لأن غالبيتهم يدخلون بتصاريح طبية ويعالجون في المستشفيات الفلسطينية في القدس، ورغم ذلك يحاولون مشاركة المقدسيين احتفالاتهم بالشهر الفضيل".

ومن الطقوس التي يحافظ المقدسيون على إقامتها، تقديم وجبة السحور للمصليين في الجمعة الأخيرة من الشهر الفضيل، وبجانبها تقام الأمسيات الدينية على أبواب الأقصى لفرق الإنشاد الديني والابتهالات والمديح النبوي.

والجميل والمميز بكل شهر رمضان والعام، يبين برهم أنه يتلخص بكم المتطوعين من شباب القدس، لاستقبال ضيوف شهر رمضان.

وتصدح الأناشيد الدينية من أسواق المدينة العتيقة بـ"قمر سيدنا النبي قمر"، لتؤكد للمحتل هوية المدينة الدينية.

وفي العشر الأواخر من رمضان، كانت تقام الإفطارات الجماعية في باحات الأقصى، يعلق برهم قائلا: " بسبب جائحة كورونا توقفت إقامتها وحاليا لجنة الزكاة بدلا من ذلك توزع التمر والمياه ".

لكن كجزء من التحدي الفلسطيني للاحتلال، تقيم عائلات مقدسية "ولائم" في الأقصى.

وفي 28 من رمضان يستعد المقدسيون للتصدي لدعوات المستوطنين لتنظيم "أكبر اقتحام للأقصى".

ويتابع: "قبيل عيد الفطر تتجهز العواصم الإسلامية للاحتفال، والمقدسيون يتجهزون للاعتداءات الإسرائيلية ورد اقتحامات المستوطنين عن الأقصى".

قيام الليل والتهجد

وتقول المقدسية عايدة الصيداوي: "في الأعوام الأخيرة في إطار التضييقات التي يمارسها الاحتلال على المقدسيين، منع الاعتكاف في المسجد في السنوات الأخيرة، ففتحت مساجد البلدة القديمة أبوابها في جامع الشيخ لولو والشيخ ريحان".

ومن بعد صلاة العشاء حتى صلاة الفجر، يقيم المقدسيون الليالي فيها بين قيام الليل، والتهجد، والدعاء، وقراءة القرآن.

وتشير الصيداوي في حديثها مع صحيفة "فلسطين"، إلى أن أعداد الفلسطينيين الذين يشدون الرحال إلى المدينة المقدسة من الأراضي المحتلة سنة 1948 والضفة تزداد، وفي هذه الأيام لا تهدأ المدينة، حيث يستقبلهم المقدسيون بالابتهالات والتواشيح والمديح النبوي من خلال إقامة أمسيات لهم بالقرب من أبواب الأقصى.

وبيوت البلدة القديمة الملاصقة للأقصى صغيرة لا تتسع لإقامة أربعة إلى خمسة أفراد، لذا يتجه المقدسيون لإقامة ولائمهم في باحاته لتشجيع بعضهم على الوجود والرباط في الأقصى خلال العشر الأواخر.

ويعود المقدسي إيهاب الجلاد من جهته إلى ما قبل عامين منذ تفشي جائحة كورونا، حيث يبين أن المقدسيين كانوا يقيمون اعتكافا في ليلة كل خميس من أيام الشهر الفضيل بمشاركة أهالي الضفة والأراضي المحتلة سنة 1948، وبعد عصر الجمعة يبدؤون بالمغادرة إلى بيوتهم.

وفي هذا العام، يقول الجلاد لصحيفة "فلسطين" إن الاحتلال منع الاعتكاف في الخميس الأول والثاني من الشهر الفضيل.