مجددا تستعيد القدس قوتها وتحشد الالاف من المرابطين وتشتبك مع العدو الإسرائيلي في كل الساحات على عكس ما كان يعتقد الصهاينة، من أن الفرصة سانحة "لاقتلاع المقدسيين" من بيوتهم، وطرد وابعاد العشرات منهم، وفرض واقع مختلف تكون فيه السيطرة والغلبة للمستوطنين، وذلك في أكبر عملية إرهابية منظمة تمارسها حكومة الاحتلال.
والتي بدت وكأنها مهمة عسيرة، أمام صمود المقدسيين والذين نجحوا في إظهار صورة "الفلسطيني البطل" وهو يرابط في ساحات الأقصى ويواصل الليل بالنهار للدفاع عنه، ويمنع إمكانية اقتحامه أو تدنيسه، ويفشل محاولات التهجير والتطهير العرقي التي تستهدف حي الشيخ جراح.
لكن الجديد في المشهد حجم الهتافات للمقاومة الفلسطينية وبالتحديد لحركة حماس وجناحها المسلح "كتائب القسام" ولقائد أركانها المجاهد محمد الضيف، فيما يشبه بالتفويض للحركة بالتدخل لإنقاذ أهل القدس وحماية المدينة المقدسة من الخطر الداهم، في ظل تنامي العدوان، وزيادة جسامة الجرائم الصهيونية.
هذه الهتافات لطلب النصرة تارة، وللبيعة تارة أخرى، تأتي في ظل تضامن أهلنا في غزة مع قضية القدس، واستنفارهم على كافة الصعد (شعبيا، سياسيا، إعلاميا، عسكريا) وحرص المقاومة على أداء واجبها المقدس تجاه قضية تشكل "مركز الصراع"، وقيامها بالتدخل عسكريا من خلال قصف مستوطنات الغلاف مع بدء الأحداث وتهديد الاحتلال بالمزيد.
ومع تطور الأحداث فإن المشهد فرض على قيادة المقاومة في غزة التعامل مع الأمر بشكل مختلف بحيث يتم "تجاوز المألوف" مع العدو، لذلك جاء تصريح مفاجئ لقائد هيئة الأركان في كتائب القسام "محمد الضيف" يهدد وينذر العدو بأنه إن لم يوقف العدوان عن أهلنا في القدس حالا فإنه سيدفع الثمن.
تصريح قوي يخرج من "أعلى هرم المقاومة" في غزة بكلمات محدودة لكنه حمل دلالات مهمة تنبئ بأن الأحداث ستأخذ منحى مختلف هذه المرة، وأن التصريح يعتبر بمثابة استعدادا من القسام لفتح مواجهة كبيرة وقاسية دفاعا عن القدس، وكأن الضيف يعطي الإشارة لمقاتليه بالاستعداد للدخول في أكبر موجة من العمليات الفدائية بصورها المختلفة.
فخروج تصريح للعلن من قائد هيئة الأركان بهذا الشكل هذا يعني؛
أن "كافة الأهداف ستكون تحت النار"، وربما لن يكون الرد ضمن حدود ومستويات محدودة، فالرد على قدر العدوان وبحجم القضية التي يجرى الدفاع عنها، وهذا يتطلب تحقيق أقصى درجات الردع.
فالعدو الإسرائيلي يدرك تماما خطورة ما تحدث به قائد أركان الجناح المسلح لحركة حماس، ويعلم أن التهديد حقيقي، ويمكن أن يترجم واقعا، لقناعة كلا من (المؤسسة السياسية، والعسكرية) الصهيونية بأن الضيف قادر على المساس بالأمن الإسرائيلي، فلديه سجل طويل من العمل الفدائي ضد الاحتلال، ويقف خلفه الاف المقاتلين المجهزين، ويملك من القدرات العسكرية ما يمكنه من تحقيق الردع.
لكن العدو الإسرائيلي وعلى الرغم من فهمه لمضمون هذا التحذير وادراكه لخطورته على جنوده ومستوطنيه، إلا أنه حتى الان يسئ التقدير ويواصل عدوانه على المقدسيين، ولا يلتفت لكل الدعوات لوقف ممارساته بحق المقدسيين وهذا عائد لعدة أسباب منها:
1-رغبته في الاستفادة من الظروف الحالية في الإقليم في ظل ترهل النظام الرسمي العربي وهرولة البعض للتطبيع والتقارب مع العدو، 2- حرصه على تغيير واقع القدس واحكام السيطرة بشكل تام وتمكين المستوطنين على الأرض، 3- عدم وجود موقف حقيقي فاعل من السلطة الفلسطينية تجاه سياسات الاحتلال وبقاءها في الإطار البروتوكولي دون أي تصعيد، 4_استخدام القدس كأداة لكسب رضى المجموعات المتطرفة والتي تشكل ثقل انتخابي لقيادة الاحتلال السياسية.
وبالتالي فإننا أمام أكثر السيناريوهات تصعيدا خصوصا في ظل عدم تراجع حكومة الاحتلال عن عدوانها، وهذا يفرض على المقاومة في غزة الدخول في مواجهة مباشرة مع الاحتلال، حيث صدرت عدد من البيانات لفصائل المقاومة والتي حملت رسائل التهديد، هذا وقد دعت حركة حماس صباح الجمعة في بيان لها المقاومة الفلسطينية للنفير في ظل ما يجري في القدس.
وهذا يؤكد بأن سلاح المقاومة هو السلاح الشرعي الوحيد القادر على رد العدوان في أي بقعة في الأراضي الفلسطينية وما دونه هي أسلحة أعدت لبرامج أخرى لا تحقق مصالح شعبنا، وتشكل خطر حقيقي على مقاومته، فقد شاهد شعبنا بأم عينه كيف قامت قوات الامن في سلطة رام الله بمساندة أجهزة الاحتلال في البحث عن منفذ عملية "حاجز زعترة"، بينما لم تقم بأي دور وطني في مواجهة التوغلات والاجتياحات لمدن وقرى الضفة.