فلسطين أون لاين

آخر الأخبار

القوي الأمين

...

"قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ ۖ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ" (القصص:26)

القوة والأمانة مهارتان يجب أن يمتلكهما كل من يتصدر قضاء حوائج الناس أو تمثيلهم في كل المحافل والساحات، فهما مهارتان متكاملتان تكمل إحداهما الأخرى.

فمهارة الأمانة ذات بعد حياتي في سلوك الإنسان وتفاصيل حياته في تعامله مع الآخرين، فلم تحتَج ابنة شعيب إلا لدقائق معدودة ومشوار طريق واحد لتشعر بالأمان والأمن، لتصف ذلك الغريب المجهول الهوية لها بأنه أمين، وفي اللحظة ذاتها وصفته بالقوي ليكتمل رسم صورته كاملة بالقوي الأمين، أمين لغضه الطرف ومشيه أمامها وقوي في سقايته لها، فالقوة رمز لمجموع الإمكانات المادية والمعنوية التي يتمتع بها الإنسان.

القوة والأمانة مهارتان الأولى صلبة، والأخرى ناعمة تعدت المدى لتصل إلى مشاعر الفتاة ليغمرها الأمان، هكذا هم الصالحون والمصلحون، هكذا هم عناوين المجتمع وممثلوه يمتلكون مهارات صلبة: علمًا ومعرفة ودراسة، وتخصصًا وعمقًا في المعارف بهما يحافظ على حقوق العباد، ويرسم معالم المستقبل بوعي وإدراك منسجمًا مع تقنيات المستقبل وحاجاته متوافقًا مع حاجات الشباب والشيب كلٌّ في عالمه ووفقًا لحاجاته.

ومهارات أخرى ناعمة يكسب بها قلوب الناس ومواقفهم بقدرات ذاتية وتواصل ناعم دافئ، وبكلمات رقيقة يصل إلى قلوبهم ويقرأ ما في عيونهم ويستشعر همومهم وحاجتهم ويحقق طموحاتهم.

قوي أمين، قوي في استرجاع حقوقهم، وأمين في سلامة عودتها كاملة لهم، قوي في ضبط نفسه، رحيم بربعه وأحبابه ومريديه.

هكذا نفهم متقدمي الصفوف ورواد المرحلة، علمًا وأدبًا، وفهمًا وتفهمًا، وثباتًا على المبادئ، ليثبتوا ويحافظوا على مبادئنا وقيمنا.

قوي الذاكرة كي لا ينسى ماضيه فيضيع حاضرنا ويدمر مستقبلنا ومستقبل أبنائنا، متوازن بين القوة والأمانة، متزن في تفاصيل حياته وأدائه مع الآخرين.

أمين في فهم لغة العصر، قادر على إدارة الصراع وتوجيه الدفة لتحقيق الطموحات، فالأمانة قيود تهذب النفس والقوة ذراع الحق وحصنه المنيع، فإن اتسمت القوة بقيود الأمانة أرضينا ربنا، وإن تمسكت الأمانة بذراع القوة امتدت ونصرت أتباعها ورفعت شأنهم.

فلا بديل ولا استغناء عن أحدهما، وبتوازن وتكامل تكتمل الصورة ليخرج لنا أصل ثابت قدماه على الأرض وأمانته تعانق السماء، لتنصره وتكون حاضنته بمعية رب السماء.