قائمة الموقع

يتصدر الزينة الرمضانية.. رحلة تاريخية لصناعة الفانوس

2021-04-27T12:15:00+03:00
تصوير ياسر فتحي

بأشكاله المتنوعة وأحجامه المختلفة يبعث الفانوس في النفس السعادة، خاصة أن اسمه ارتبط بشهر رمضان، فأصبح وجوده جزءًا أصيلًا ليس في المنازل الفلسطينية فحسب؛ بل في معظم البيوت المسلمة والمحال التجارية في العالم.

مر الفانوس بمراحل مختلفة عبر أزمنة متوالية في رحلات تاريخية بدأت بالصفيح المعدني والزيت والفتيلة، إلى أن وصل إلى مرحلة التطور التكنولوجي في الصوت والشكل والإضاءة.

وترجع بدايات ظهور الفانوس إلى عملية استعماله في إضاءة الطرقات حينما يذهب المسلمون إلى الصلاة، خاصة صلاة الفجر إذ يكون الطريق مظلمًا فيكون هنالك حاجة للإنارة، وكان يضاء بالزيت والفتيلة (قطعة قماش تكون مغموسة في الزيت) إذ تشعل الفتيلة بالنار.

وقد عرفه معجم اللغة العربية المعاصرة بأنه مِصباح يُحمل في اللَّيل للاستضاءة بنوره أو يُعلّق، ويكون مُحاطًا بالزُّجاج.

ويذكر المفكر الراحل د. حسين مجيب المصري أن ظهور فانوس رمضان ارتبط بالمسحراتي، وكان يعلق بالمآذن، وشاهده ابن بطوطة في رحلته ورأى في الحرم المكي الاحتفال برمضان، وقال: "كانوا يعلقون قنديلين للسحور ليراهما من لم يسمع الأذان ليتسحر".

وهنالك من أرجع استخدامه إلى زمن الخلافة الفاطمية، حينما كان الخليفة يخرج في الليل لاستطلاع رؤية هلال رمضان، وقيل إنه في هذه الخلافة أرادوا أن يجعلوا شوارع القاهرة مضيئة في ليالي رمضان، فعمل شيوخ المساجد على تعليق فوانيس على كل مسجد وتضاء بالشموع.

رحلة التطور

وفي كل مرحلة زمنية أخذ الفانوس يواكب المتغيرات الجديدة؛ ما جعله يتطور في شكله إلى أن وصل إلى مرحلة واكب فيها التكنولوجيا، فكان الفانوس في القديم زمن الأجداد الذي يعطونه للأطفال عبارة عن علبة من الصفيح المعدني يوضع في داخلها قطع من الشمع، وتُربط من الأعلى بسلكة معدنية حتى يستطيع الطفل حملها، وهذا الأمر كان يسعد الأطفال كثيرًا.

ومن مرحلة المعدن انتقل الفانوس كذلك في رحلته، وأصبح يصنع من مادة البلاستيك في أشكال وألوان مختلفة.

والأمر لم يقتصر على ذلك؛ بل أيضًا عاش المرحلة الورقية، فكان يصنع من الورق المقوى ويعلق في المنزل للزينة.

ودخلت كذلك مادة الجوخ في صناعة الفانوس إذ تذكر م. عبير الهمص (38 عامًا) أنها أدخلت هذه الخامة في صناعته بشكل مبتكر، خاصة أنها تقوم بالكثير من الأشغال اليدوية المصنوعة من هذه المادة.

تقول لصحيفة "فلسطين": "صنعت أشكالًا من الفوانيس من الجوخ بألوان مختلفة، إذ أقص الجوخ على شكل فانوس وأخيطه يدويًّا وأحشوه بالقطن، ويكون نوعًا من الزينة مختلفًا عن المألوف".

ورغم أشكال الفانوس الجميلة المستوردة خاصة من الصين بأسعارها المختلفة هنالك من لا يزال يتمسك بالصناعة اليدوية المحلية، التي تتسم بجمال الشكل والصناعة، وعن ذلك تقول غدير زنداح (40 عامًا) التي تعمل على صناعة الفوانيس بمساعدة زوجها: "أحب الصناعة الوطنية، ما جعلني بمساعدة زوجي أصنع العديد من الفوانيس التي لها جمالها الخاص".

وتوضح لصحيفة "فلسطين" أنها في بداية العمل كانت تصنع الفانوس من مادة الفوم الجميلة، ووجدت إقبالًا كبيرًا عليه، ما شجعها على تطوير فكرة الصناعة فعملت على استخدام مادة الورق المقوى، وتضيف له الإضاءة والصوت وتستخدم القماش الخيامي أو ما يسمى القماش المصري.

وحبها لهذا العمل رغم أنها في الأصل خريجة إعلام جعلها تعمل على تطوير فكرتها أكثر باستخدام الخشب، ويساعد زوجها في ذلك.

وتعتقد غدير أن جمال العمل اليدوي يجذب المواطنين أكثر من الفوانيس المستوردة.

وتبين أن أسعار الفوانيس المصنوعة يدويا مختلفة، وتكون حسب تكلفتها من حيث إضافة الأجهزة الصوتية والإضافات الأخرى والحجم، خاصة أن كل قطعة زيادة تتطلب تكلفة أكثر.

مواكبة التكنولوجيا

والفانوس كأشياء كثيرة واكب المستجدات والتقنيات الحديثة، خاصة المستورد منه، فمنه ما يعمل بقطع البطاريات، وغيره باستخدام التيار الكهربائي.

وفي كل عام من رمضان يُلاحظ وجود أشكال مختلفة من الفوانيس الجميلة، فمنها ما يكون على شكل أنتيكا تجمع بين القديم والمعاصر، فيكون شكلها في غاية الجمال، وهي تكون مصنوعة من المعدن وقطع الزجاج الملونة والإضاءة الداخلية التي تعمل بالكهرباء.

وبعضٌ منه ظهر على شكل مادة ورق البلاستيك الملون، ويكون فيه قطع صغيرة من المصابيح، وبعضه على شكل كارتون يلصق على الحائط، أيضًا ظهرت فوانيس على شكل شخصيات كارتونية محببة إلى الأطفال يصحبها أغاني رمضان، وتلازمها الإضاءة التي يسعد الأطفال برؤيتها.

وتختلف الأسعار حسب الأحجام والأشكال المختلفة وتقنية صناعة الفانوس، فمنه سعره ثلاثة شواقل، وبعضٌ منه يصل إلى أكثر من 120 شيقلًا.

ومهما اختلفت أشكال الفانوس، ومادة صناعته؛ فما زال يحتل الصدارة في زينة بيوت المسلمين في شهر رمضان المبارك، لما يضفيه من جمال وبهجة تسعد بهما نفوس الكبار والصغار.

 

 

 

 

 

اخبار ذات صلة