قائمة الموقع

اتساع رقعة المواجهات في القدس.. كُرَة اللهب تتدحرج وتضع الاحتلال في مأزق

2021-04-25T09:59:00+03:00
صورة أرشيفية

تمدد بشري وهبة شعبية مقدسية عنوانها الشباب، تميزت بتنوعها وعدم التنبؤ بمكان اشتعالها، وهذا ما أدى إلى استنزاف شرطة الاحتلال التي ظهرت في كثير من الأحيان تستجدي الشباب في الطرقات محاولةً وقف تدحرج كُرة اللهب التي أربكت حساباته.

"الساحة إِلْكم بس بدون الدرج"، يقول ضابط في شرطة الاحتلال محاولًا مفاوضة مجموعة من شباب القدس في ساحة باب العامود، مساوِمًا رفض الشباب المقدسي الانصياع له.

وقد انطلقت المواجهة الأساسية في مدخل باب العامود وساحته الرئيسة وفي المسجد الأقصى وباب "حطة"، ثم تدحرجت لأزقة وحارات البلدة القديمة، وامتدت المواجهات لتضم شارع صلاح الدين باتجاه منطقة "الشيخ جراح" التي شهدت اعتداءات من قبل المستوطنين على بيوت المقدسيين فيها، ثم امتدت لمنطقة "وادي الجوز" والعيسوية ومخيم شعفاط وفي منطقة الحارة "الوسطى" بسلوان، ثم في منطقة مخيم "قلنديا" باتجاه الحاجز العسكري في المخيم.

مواجهات انتقى فيها شباب القدس أهدافهم بعناية، فقد أظهرت الفيديوهات محاولتهم ضرب البنية التحتية الأمنية للكاميرات "الأمنية" الإسرائيلية المزروعة في شوارع وأزقة القدس، وذهبوا للبؤر "الاستيطانية" التي سيطر عليها الاحتلال من خلال تسريب عقاراتها واستهدفوها بالمفرقعات والحجارة وأحرقوا واحدة منها، واستهداف المباني الأساسية لنقاط شرطة الاحتلال والمحكمة المركزية. صور متعددة تؤكد أن القدس لم تغِب عن الوعي الفلسطيني وأنها جوهر الصراع.

إرباك حسابات الاحتلال

هذا التمدد والهبَّة الشعبية كما يرى الكاتب والمحلل السياسي راسم عبيدات، تُظهِر أن هناك تصاعدًا في مجابهة المستوطنين وشرطة الاحتلال التي تحاول فرض وقائع جديدة، التي تجاوزت حدود القدس لبعض مدن الضفة وكذلك في قطاع غزة.

ويقول عبيدات لصحيفة "فلسطين": إن توسع رقعة نقاط المواجهة يربك حسابات جيش الاحتلال، ويرفع المنسوب الانتفاضي كلهيب يمتد لكل القدس، في وقت كان الاحتلال يعتقد أن الحلقة المقدسية أصبحت ضعيفة نتيجة الانقسام الفلسطيني وهرولة العرب نحو التطبيع متوهمًا أن الوقت مناسب لتنفيذ مخططاته، لكنه أخطأ الحسابات كما حدث عام 2017 في هبة البوابات الإلكترونية، وهبة مصلى "باب الرحمة".

أكبر المواجهات التي حدثت، حينما دعت صفحات المتطرفين ومنظمات "الهيكل وتدفيع الثمن" للاحتشاد ليلة الخميس تحت شعار "استعادة الشرف القومي"، وكتبوا عبارات عنصرية على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي منها "سنقتل العرب أحياء، والموت للعرب".

لكن شباب القدس لم ينتظروا الخميس، وذهبوا ليلة الأربعاء في النقطة التي حددها المستوطنون للاحتشاد وتصدوا للمستوطنين بشكل بطولي، يعلق عبيدات بأنه "مشهد لحق فيه إذلال للمستوطنين، فبدلا من أن يصلوا إلى باب العامود، تصدى لهم شباب القدس ولقنوهم درسًا قاسيًا ولاحقوهم حتى القسم الغربي من القدس.

"ورغم أن شرطة الاحتلال توفر حماية كاملة للمستوطنين، وتوفر لهم كل أدوات الجريمة من مسدسات، وأسلحة بيضاء، فإن شبان القدس يتسلحون بالتكتل البشري واتحادهم بصف واحد، مستخدمين أدوات كالحجارة والألعاب النارية"، تبعًا لعبيدات.

رافد بشري

وكان للنجدة التي أرسلتها "أم الفحم" إلى المسجد الأقصى في صلاة الفجر أثر بالغ في كسر الحاجز العسكري قبالة "باب حطة"، فمنعوا استفراد شرطة الاحتلال بشباب القدس وشكلوا رافدا بشريا ومعنويا في اللحظة المناسبة، وهذه العزيمة إذا حضرت في 28 رمضان، فلن يتمكن المستوطنون من اقتحام الأقصى، يقول الباحث في شؤون القدس زياد ابحيص.

ويتابع لصحيفة "فلسطين"، أن هبَّة باب العامود تكملة للهبَّات السابقة، وترسل رسالة للاحتلال أنه يستطيع ابتلاع القدس، ولن يتمكن من فرض السيطرة عليها، "ولكن حتى تتحول المواجهات إلى رسالة إرباك ميداني يجب أن تستمر مدةً من الزمن بما يدفع الاحتلال إلى مراجعات سياسية وميدانية حقيقية".

ويرى ابحيص أن ما حصل له أثر في خطط الاحتلال بالقدس بعدما اعتقد بحصوله على مشروعية دولية لفرض سيطرته على المدينة، مشيرًا إلى أن مخططات التصفية ومحاولة تغيير هوية "الأقصى" وفرض صلوات تلمودية بدأت منذ عام 2014، وقد فشلت محاولات الاحتلال التخلص من الأوقاف الإسلامية وضرب الرموز الدينية.

ويضيف: "ما تحقق يؤكد أن المحتل عاجز أمام الإرادة الجماهيرية، ولا بد من المواصلة حتى فتح ساحة باب العامود دون شروط، وأن شباب القدس كانوا مستنفرين ومستعدين وخاضوا في مواجهة حقيقية أدت إلى حجب المستوطنين بعدما فشلت شرطة الاحتلال المعززة في تفريغ ساحة باب العامود".

ويلفت ابحيص إلى أن لجوء شرطة الاحتلال إلى مفاوضة المقدسيين في الطرقات، يؤشر إلى انكسارها أمام عزيمتهم، وجزء كبير من ذلك عائد إلى طبيعة المواجهة المستنزفة جغرافيًّا، التي واجهت شرطة الاحتلال بما لا تطيقه.

ومضى إلى القول: "اعتاد الاحتلال مواجهات مركزة مؤقتة في مكان واحد، "لكن هبَّة باب العامود انطلقت من ساحة الباب وفاجأت الاحتلال في انتشارها وحدَّتها واستمراريتها".

اخبار ذات صلة