فلسطين أون لاين

أصل الكنافة

...
إعداد/ هدى الدلو:

رمضان هو شهر الصيام، لكنه أحفل شهور السنة بالولائم والموائد التي تزخر بأنواع الطعام والحلوى.

وبعض المسلمين يسرفون بهذا الجانب، وهو ما يتناقض مع مغزى الصيام الذي أريد به تهذيب النفس وتصفيتها من زخرف الدنيا وشهواتها، والعرب جميعًا يحبون الحلوى منذ القدم، حتى إنه قيل: "كل طعام لا حلوى فيه يعد ناقصًا عند العرب"، وفضلًا عن ذلك كان العرب يعتقدون أن تناول الصائم الحلواء يساعده على استرداد قوته، وفي ذلك يقول وهب بن منبه: "إذا صام الرجل زاغ بصره، فإذا أفطر على الحلوى رجع إليه بصره".

وعن أصل الكنافة يذكر ابن فضل الله العمري أن أول من اتخذ الكنافة من العرب هو معاوية بن أبي سفيان، وكان يأكلها في السحور، وذلك أنه شكا إلى طبيبه الجوع فوصفها له، وإن ذكر بعض المؤرخين أنها صنعت خصيصى لسليمان بن عبد الملك.

وبغض النظر عن الروايات التاريخية لاقت الكنافة رواجًا ملحوظًا في مصر وبلاد الشام، وبعض الأقطار العربية والإسلامية بدرجات متفاوتة، وبلغ اهتمام أهل مصر بها حد انتباه الرحالة الأوروبيين الذين زاروها في القرنين الـ18 والـ19 فأسهبوا في وصف طرق إعدادها وأطلقوا عليها اسم "المعكرونة المصرية".

وحتى اليوم تنتشر صناعة الكنافة والقطائف في مختلف المناطق.

ويحوى الأدب العربي سجلًا حافلًا بالقصائد التي نظمها أصحابها في الكنافة والقطائف، اللتين تعدان من الدقيق المرق بالماء مع اختلاف الشكل وطريقة الإعداد، فتكون الكنافة على شكل شعيرات طويلة تسقى بالقطر بعد نضجها، والقطائف تكون على شكل دائرة صغيرة مخملية الملمس، وسماها العرب بذلك نسبة إلى قماش القطيفة ذات الخمل، وتقلى بالزيت بعد حشوها ويوضع عليها القطر.

وكان أحيانًا ارتفاع أسعار تلك الأصناف يثير سخط الشعب وشكواه في بلد مثل مصر، وكانت ترفع الشكوى إلى المحتسب.

وهناك أصناف أخرى كان يألفها العرب في شهر رمضان كـ"الفالوذج"، ويعد من الدقيق والماء والعسل، ووفقًا لما جاء في المعاجم العربية هي لفظة معربة عن "بالوذة" (بالوظة)، وكان محببًا أيضًا إليهم وقصد به الشعراء قصائد، وكان ينافس نوعًا آخر من الحلوى، وهو "اللوزنيج"، الذي يشبه القطائف، ويسمى عند العرب قاضي قضاة الحلاوات.

من كتاب: "رمضان زمان" تأليف د. أحمد الصاوي.