فلسطين أون لاين

التزاور الرمضاني.. التزام الوقاية أولًا

...
القدس المحتلة-غزة/ مريم الشوبكي:

بعد الانتهاء من صلاة التراويح يتجمع الأب وأبناؤه الذكور على باب المسجد إيذانًا بالذهاب إلى زيارة بناته الخمس على مدد متباعدة، بعضهم يحمل الهدايا من التمر والحلويات، أو يكتفي بمبلغ مالي لتهنئتهم بقدوم شهر رمضان المبارك.

هذه العادة يقوم بها صالح نوفل لزيارة أرحامه من بناته وعماته وخالاته، ويحرص على اصطحاب أبنائه في أثناء الزيارة لتعوديهم زيارتهن والاستمرار في ذلك حال غيابه.

ولكن بعد تفشي جائحة كورونا أصبح نوفل يتوجس من زيارتهن، واقتصر الأمر على الاتصال بهن عبر الهاتف، وإرسال وجبات طعام إليهن في بيوتهن، لتحقيق التباعد الجسدي.

يقول نوفل (70 عامًا) من حي الزيتون شرق مدينة غزة لصحيفة "فلسطين": "للعام الثاني ألتزم بيتي ولا أخرج، ولكني أحث أبنائي على زيارة أخواتهم وقريباتي حتى أحقق هدف صلة الأرحام من طريقهم".

أما شيماء عبد ربه التي تقطن في القدس المحتلة فتبين لها -وفقًا لحديثها- أنه مع إقبال العديد من الأقرباء والمحيطين بها على أخذ لقاح ضد فيروس كورونا عادت الروح إلى عادة التزاور الاجتماعي، التي يقوم بها المقدسيون في الشهر الكريم.

وتقول عبد ربه لصحيفة "فلسطين": "في العام الماضي كان التزاور خفيفًا جدًّا بين العائلات المقدسية، نظرًا لتفشي كورونا بصورة كبيرة، ولكن هذا العام سيعودون إلى إحياء هذه العادة الاجتماعية بعد الحصول على مناعة من الفيروس".

وتضيف: "تلقي التطعيم لا يعني عدم الإصابة بالفيروس، ولكن سيخفف من الأعراض، لذا سنلتزم بإجراءات الوقاية من التباعد الجسدي والتعقيم المستمر وغسل الأيدي".

أما نضال أسمر من قرية روجيب قضاء نابلس فيبين أن الجيران في قريته عادة ما يتزاورون ليهنئ بعضهم بعضًا بقدوم شهر رمضان المبارك، ولكن في هذا العام التزم كثيرون بيوتهم، فلا يخرجون إلا لشراء الاحتياجات الضرورية، بسبب تفشي طفرات جديدة من فيروس كورونا أشد فتكًا من القديمة.

ويوضح أسمر أن أهالي قريته يُحيون طقوس رمضان في حالة توجس بسبب اشتداد أزمة كورونا، لذا يمر عليهم الشهر مختلفًا باهتًا بسبب غياب طقوسه الاجتماعية.

يذكر أسمر أنه سيزور أخواته وأقرباء والديه بحذر شديد بلا مصافحة وبالالتزام بارتداء الكمامة والتباعد الجسدي، ولن يصطحب هو وإخوته زوجاتهم وأبناءهم كما يفعلون بالعادة، تحقيقًا للمصلحة العامة والخاصة أيضًا.

العلاقات الاجتماعية والتواصل الاجتماعي صفة إنسانية يحرص المسلمون على فعلها أينما حلوا لأنها تشيع الألفة والمحبة بين الناس، لا سيما في المناسبات الاجتماعية وشهر رمضان والعيدين، ولكن فيروس كورونا بدأ يغيب هذه العادات.

يقول رئيس قسم الاختصاصيين النفسيين والاجتماعيين في الإدارة العامة للصحة النفسية بغزة إسماعيل أبو ركاب: "يطل شهر رمضان هذا العام ولا يزال العالم يعيش تحت أزمة كورونا، التي فرضت قواعد جديدة من تطبيق إجراءات السلامة والوقاية التي لم تكن معتادة قبل الجائحة".

ويضيف أبو ركاب لصحيفة "فلسطين": "في الشهر الكريم تكثر الزيارات والولائم وموائد الإفطار، ويزداد معها الخوف من التسبب في نقل عدوى الفيروس بين المجتمعين، لا سيما من بعض غير المبالين الذين لا يلتزمون بالتباعد الجسدي ولبس الكمامة".

ويتابع: "لا يمكن إلغاء هذه العادة الاجتماعية، ولكن يمكن تقييدها بقيود بإخبار صاحب البيت مرة واحدة رفضه المصافحة والاكتفاء برفع يديه إلى صدره وحثهم على التعقيم عند دخول البيت، وترك مسافة بين المجتمعين، لأن خطر كورونا لا يزال قائمًا ولم ينتهِ".

ويدعو أبو ركاب إلى التزام إجراءات السلامة من تباعد اجتماعي ولبس الكمامة، والحرص على عدم تجمع عدد كبير من الأقارب في مكان مغلق.

وينصح الناس بعدم الاستخفاف بصحة الآخرين؛ فالمنحنى الوبائي في حالة ما بين الصعود والهبوط، وأي إهمال يعني ارتفاع أعداد الإصابات وفقد المزيد من الأحبة، قائلًا: "إن لم تكن مهتمًّا بصحتك؛ ففكر في حماية من حولك وصحتهم".