قائمة الموقع

زهرةٌ رمضانية (7-9)

2021-04-23T11:07:00+03:00

7) القيمة الأثمن

"كن كريمًا في كل شيء إلا وقتك" لعلّنا نمر على هذه الحكمة مرورًا عابرًا، ولعلّها تستوقف بعضًا إعجابًا، ومهما يكن فهذه الحكمة تحمل المعنى الأهم للبشرية، وهذا ليس من قبيل المبالغة.

الوقت -يا صديقي- هو أغلى وأثمن ما يملكه الإنسان؛ لأن كل مفقود يمكن أن تسترجعه إلا الوقت وما يأخذه معه من قيمة مادية أو معنوية، وهذا يعني أنه إذا مضى وقتك مضى بعضك دون عودة قطعية، "الوقت هو العمر"، عمرك أنت وعمرنا نحن، هو رأس المال الحقيقي، وهو يستهلك في كل دقيقة نتركها خلفنا.

في رمضان المبارك الاستثمار الحقيقي والفعلي والجدي والرابح للوقت والزمن يكون بجعل كل حركاتنا وسكناتنا طاعة وعبادة خالصة لوجه الله تعالى، الذي أقسم بالوقت وعظمته.

في شهر رمضان موسم الخير خاب وخسَّ من لم يدرك قيمة الوقت.

 

8) مهمة وطنية

السلام عليكم، وإلى السؤال مباشرة: ما الشيء الذي يجعل السجان سعيدًا؟ وكيف تقرأ علامات الرضا على سلوك السجان في معتقلات الاحتلال؟

يكون السجان راضيًا وسعيدًا ومنتعشًا عندما يرى الأسير الفلسطيني في همٍّ وغم، يسير في ساحة المعتقل حيران شاردًا، تظهرُ عليه ملامح اليأس والقهر، أو جالسًا في زنزانته مكفهر الوجه مؤرقًا ومحبطًا، هنا يجد السجان لذة وسعادة سادية مرضية؛ لأنه نجح بالمساسِ بمعنويات الأسرى الفلسطينيين!

لكن لا تقلقوا؛ فهذه مشاهد نادرة الحدوث بفضل الله تعالى؛ لأنها باختصار ممنوعة من الوقوع أخلاقيًّا في واقع الاعتقال الذي عايشته وأعرفه على أقل تقدير، ولأننا هنا نمارس فنًّا من نوعٍ خاص، هو فن صناعة السعادة، ولا تستغربوا (هنا في زنازين السجون) المرح والمزاح والضحك والحيوية وبث ونشر الطاقة الإيجابية تعد (مقاومة) وواجبًا دينيًّا، مهمة ثورية وطنية يوضع لها الخطط والتكتيكات التي تبدأ وتنتهي دومًا بالابتسامة، هذا الفعل الإنساني العريق.

عندما تبتسم في وجه نوائب الدهر ووحش المصائب فأنت تقول: إلهي لك الحمد في السراء والضراء، وتدوس عندها قاهرات الحياة تحت قدمك بكل اقتدار وتنتصر.

في رمضان الفرح تذكروا ألا تحرموا أنفسكم ابتسامة الرضا والقبول.

 

9) ياء وياء

جاءَ في المقولة الغاضبة: "كل الشقاء يأتي من ياء الملكيّة، ياء الجشع والطمع" هذه المقولة على ما فيها من صواب تحمل نصف الحقيقة وليس كلها، ولا شك عندي أن لياء الملكية في اللغة العربية ولغة الحياة كذلك مدلولها المهم عند أهل الاختصاص، وأكاد أجزم أن هذه الياء تحدد نمط عيشنا، فإما أن نسقط سقوطًا حرًّا في شقائها فنعيش عندها في الوحلِ والطينِ الأرضي، أو نعيش العلوَّ والصعود، وهذا هو النصف الآخر المشرق لهذا الحرف!

وعودةً للمقولة؛ فعندما تستفحل ياء الملكية في شخصٍ ما لا يتوقف عن القول: "مالي.. سيارتي.. عمارتي.. أرضي.. عمالي.. شركتي.. أملاكي.. حياتي وأنا حر فيها"، وهذا يؤدي إلى هوس الحيازة والسيطرة، فيظن الإنسان نفسه المعطي والمانع، الموصل القاطع والعياذ بالله.

ما نريده من ياء الملكية في زماننا أن تكون "مرادفةً"، تكون الوجه الآخر للبذل والعطاء والمساعدة والتضامن (للزكاة والصدقة)، للأمانةِ وإحقاق الحقوق والكرم، وهذا المفهوم يتجلى فينا عندما نعلم جيدًا أن المعطي والرازق والواهب هو الله، وأن العباد عباده والملك ملكه، بهذا الفهم تكون ياء الملكية طريقًا إلى السمو والروحية والسماوية.

في رمضان العطاء اجعلوا ياء الملكية طريقًا إلى الجنة.

اخبار ذات صلة