قائمة الموقع

"أحنُّ إلى قطائف أمي" .. المحرر "أبو عيشة" يروي الحكاية

2021-04-20T10:56:00+03:00

على مدار 17 سنة من وجوده في الأسر وقضائه شهر رمضان هناك كان المُحرر محمود أبو عيشة يحافظ ما استطاع على طقوس استقبال الشهر الفضيل، رغم تعمق وجع الفقد والبعد عن الأهل إذ كان يعايشها بين أهله وأحبابه قبل أسره.

رغم الألم يرى أبو عيشة (38 عامًا) من مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، الذي تحرر من سجون الاحتلال الإسرائيلي أخيرًا، أن رمضان في الأسر يبقى مميزًا من غيره من الشهور، بغض النظر عن كل ما يحيط به من منغصات.

ويفسر لصحيفة "فلسطين": "لا يمر هذا الشهر الكريم دون ترتيبات من اللجان في السجن، فيعكفون قبل ثبوت هلاله بمدة بسيطة على عقد ورش عمل لاستثمار شهر رمضان أفضل استثمار، وبعدما تتجمع الأفكار يوضع برنامج يتفق عليه جميع الأسرى في الغرفة ويسيرون عليه من أول يوم في الشهر".

ويشير أبو عيشة إلى أن البرنامج يهتم بأدق التفاصيل، فيحدد كم سورة ستقرأ في صلاة التراويح، هل يختم جزء يوميًّا، أم غير ذلك، أما القيام فهو فردي، وأحيانًا يكون جماعيًّا، ويجمع فيها بين نية القيام ونية الفرج وطلب الخلاص.

ويعمل غالبية الأسرى يوميًّا على تأدية صلاة الحاجة، ولا يتهاونون بأدائها في شهر رمضان على وجه الخصوص، راجين الله أن يعتقهم من هذه السجون، متوجهين للمولى بتذلل وخشوع كبيرين.

ويتابع رسم مشهد رمضان في الأسر: "يُتوافق على من يتولى مهمة إعداد الحلوى، والفطور، والترتيب الإداري للحفاظ على الهدوء في غرفة السجن، حتى إطفاء النور، وغيرها من المهام التي توزع على الأعضاء الموجودين".

وفي شهر رمضان تعود المراكز والجمعيات الموجودة في الأسر لممارسة نشاطاتها، كمركز النور الذي يهتم بقراء القرآن والحفظة والتفسير وغير ذلك، ويبين أن حياة الأسرى منظمة لوجود مؤسسات متخصصة بمجالات معينة تعنى بالقراءة وتعليم القرآن، وأخرى تهتم بالمجال الأكاديمي.

"في رمضان السمة الأبرز به التقرب إلى الله، فتخشع القلوب والأرواح وتصفو النفوس، وتصيبها حالة من السمو الروحي، وحالة الخشوع تصحبها حالة من الحنين إلى الخروج من السجن" يواصل كلامه.

تلك المشاعر الجياشة والقوية والأحاسيس الكبيرة نحو ذكريات الأهل وقضاء رمضان خارج الأسر تغمر الأسير، الذي يفكر كيف يستعيض عن الخارج بما هو موجود.

ومع هذا كله يوضح أبو عيشة أن الأسير يستمد صموده وإرادته من الله ثم من معاني الانتماء للأرض، ليقوى على حالة الشوق والتوق لتجمع المسلمين في بيوت الله، وللجلوس بجانب زوجته على مائدة الإفطار، ولحبة قطائف من يد والدته، ولسان حاله: "أحنّ إلى قطائف أمي"، على غرار ما قاله الشاعر محمود درويش: "أحن إلى خبز أمي".

ويلفت إلى أن 17 سنة في الأسر انقضت بإشراف ومتابعة من إخوانه الموجودين معه، فلم يكن يسمح للأيام أن تمر دون استثمار للوقت، فشعارهم: "اقرأ ثم اقرأ، فلا خير لي في يوم لم أزدد لله قربًا وعلمًا".

وكان الأسير يبذل جهدًا كبيرًا في تحصيل إذاعة محلية على جهاز المذياع، للاستفادة منها، ويكون على تواصل مع الحياة الخارجية.

في رمضان الحالي الذي يقضيه أبو عيشة بين أهله وضع لنفسه برنامجًا قبل قدومه بأيام، ويركز فيه على كل التفاصيل من عبادات وطاعات وطقوس وعادات وأكلات.

اخبار ذات صلة