قائمة الموقع

الجريحة مرح.. "دينامو السجن" في طفولتها وشبابها

2021-04-20T10:28:00+03:00

قبيل أذان المغرب بساعة يأتي صوت سوسن بـ "صوما مقبولا وإفطارا شهيا يا ماما" عبر الإذاعة، توصل أشواقًا وحنينًا إلى مرح التي تقبع في زنزانتها في سجن الدامون، يربت صوتها على قلب ابنتها، التي تنتظر هذه المكالمة يوميا لتنعش روحها بأجمل صوت يمكن أن تسمعه على وجه البسيطة.

في هذا الوقت تكون مرح في قمة انشغالها مع رفيقاتها الأسيرات يحضرن ما استطعن من طعام بما توفر لديهم ليُقِمن وجبة الإفطار، تترك كل شيء وتصغي بكل جوارحها لأخبار البيت والأهل التي تخبرها بها والدتها.

الأسيرة مرح باكير من حي بيت حنينا في القدس المحتلة، زجها الاحتلال في سجونه وهي قاصر في عمر 16 عاما، أمضت في الأسر خمس سنوات ونصفًا، من أصل ثماني سنوات ونصف حكمتها بها محكمة الاحتلال الإسرائيلية.

مرح التي تدخل عامها الـ 22، أسرها الاحتلال في 12 تشرين الأول/ أكتوبر 2015، بعد أن أصابها بـ 12 طلقًا ناريًّا في أثناء مغادرتها مدرستها في حي الشيخ جراح. وقد أُصيبت إصابة بليغة في يدها اليسرى ما تزال تُعاني آثارها، بمزاعم محاولتها "تنفيذ عملية طعن"، وإلى جانب الحكم، فرض المحتل عليها غرامة مالية بقيمة 10 آلاف شيقل.

ما يزال مقعد مرح خاليا على السُّفرة، ضجيجها في البيت لم يعد يسمع، ضحكاتها وهي تعلق زينة رمضان في البيت، ووضع لمستها الخاصة على مائدة الإفطار وترتيب الأطباق فيها، كلها غابت لرمضان السادس على التوالي.

عن السمات التي تميز شخصية فرح، وهي البنت الكبرى، تقول سوسن لصحيفة "فلسطين": "مرح أسرها الاحتلال وهي في مرحلة الثانوية العامة، بطبعها هادئة، طيبة القلب، ليست اجتماعية بالقدر الكافي، لكن اليوم تغيرت شخصيتها تمامًا مع تجربة الأسر".

وتتابع: "صاحب الفضل في تغيير شخصية مرح كانت المُحررة لينا الجربوني، التي كانت مقربة كثيرا لها، اكتسبت الخبرة والجرأة والشجاعة في كيفية تعامل لينا الأقدم منها في سنوات الأسر، مع إدارة السجن ومفاوضتها لنيل مطالب الأسيرات".

مرح اليوم هي ممثلة للأسيرات في سجون الاحتلال، لديها مهمتها اليومية تتلخص في رفع مطالبهن اليومية، لتمتعها بشخصية قوية وصلبة.

تنشغل مرح يوميا بهموم الأسيرات ومتابعة تنفيذ مطالبهن لدى إدارة سجون الاحتلال، وفي يومي الجمعة والسبت الذين يمثلان عطلتين أسبوعيا، تنخرط معهن في المهام والأعمال اليومية ما بين تحضير وجبتي الإفطار والسجن وتنظيف الأواني والغرفة.

قبل أن تتولى مرح مهمة تمثيل الأسيرات، تُبين سوسن أنها كانت شيف الحلويات في السجن "لديها نَفَس" في إعداد الأكل، حيث كانت تبدع وتبتكر طرقا جديدة لها بالمكونات المتاحة لها في السجن، كانت في كل زيارة تسأل والدتها عن كيفية صناعة بعض الحلويات ولا سيما "التشيز كيك".

قبل الأسر كانت تعد مرح مثلثات السمبوسك، وتساعد والدتها في إعداد "التشيز كيك" المولعة بها بأنواعها المختلفة.

تحن مرح إلى طبق محشي البطاطا، والشيشبرك، والكنافة بالجبن، والأقرب إلى قلبها قبل معدتها الأكلة المقدسية الأشهر ولا سيما في الشتاء "المْطَفية" التي تصنع من اللبن الجميد المغلي مع القرنبيط المقلي، انتهاء بتقلية الثوم.

والأمتع من وجبة الإفطار، هو إعداد وجبة السحور، حيث كانت تطلب من والدتها أن تسمح لها بالسهر لكي تعد السحور للعائلة بلمستها الخاصة.

كانت تميل مرح إلى الأطباق غير التقليدية الحلوة والمالحة أيضا، تذكر والدتها أنها كانت تستشير ابنتها في أي الحلويات تريد أن تزين بها سفرة الضيافة في عيد الفطر، فكانت تميل إلى صنع الغريبة وبسكويت الينسون والتمر، بجانب الكعك والمعمول.

ذكريات وصور وصوت أم يأتي عبر الأثير، تواسي بها مرح نفسها وتدفع أيام السجن المريرة، حتى تعود إلى أحضان عائلتها وتنال حريتها وتعود إلى حياتها السابقة.

اخبار ذات صلة