"الشهيد الحي" صلاح عثمان، هكذا كانوا ينادونه، قبل أن يعلن ارتقاءه يوم الجمعة الماضية، في إثر إصابته بفيروس كورونا المستجد.
تمكن عثمان مع رفاقه الشهيدين "محمد الهندي وماهر أبو سرور" من خطف حافلة إسرائيلية قبل 28 عامًا، قبل أن يُعتقل مغشيًا عليه، ليمكث في غيبوبة تامة لشهرين أفاق خلالها لوهلة ليقول في وجه المحققين الذين التفوا حول سريره: "الله أكبر ولله الحمد"، ثم عاد في إغماءاته، وفق غسان أبو سعده وهو أحد من عايشه.
وبعد أيام من غيبوبته الثانية استيقظ "عثمان" مجددًا والقول، لأبو سعده، لينقل إلى أحد المستشفيات المخصصة للتعذيب، لدفعه للاعتراف عن كيفية وصوله إلى الضفة الغربية، ومن المدبر للعملية ليغشى عليه مجددًا.. ظن الاحتلال أنه فارق الحياة فأعاده إلى قطاع غزة حيًّا يرزق، ليعود إلى عمله الجهادي.
أصر عثمان، على نقش اسمه في سجل المجد والبطولات لتنتقل سيرته من جيل لآخر، علم بأن الطريق محفوف بالمكاره والمصاعب فأصر على المضي فيه يقينًا منه بأن نهايته إحدى الحسنيين إما النصر وإما الشهادة.
وتوفي القائد عثمان، عن عمر ناهز 50 عامًا، متأثرًا بمضاعفات إصابته بفيروس كورونا، وهو من أوائل المؤسسين لكتائب عز الدين القسام عام 1993، وولد وعاش معظم حياته، في مخيم جباليا، شمال مدينة غزة.
حياته ونشأته
وعثمان، من مواليد عام 1971م في مشروع بيت لاهيا شمال فطاع غزة، حاصل على درجة الدبلوم من الجامعة الإسلامية بغزة.
اعتقل في سجون الاحتلال عام 1989 لمدة 16 شهرًا بسبب انتمائه لحركة حماس، وتنقل بين مدن فلسطين المحتلة متسلحًا بفكر المقاومة، وعاملاً بكل قوته لدحر الاحتلال بداية من قطاع غزة، وانتهاءً بمدنية القدس المحتلة التي نفذ مع إخوانه فيها عملية التلة الفرنسية البطولية عام 1993م.
التحق عثمان، بصفوف كتائب القسام مطلع عام 1992 ضمن "مجموعة الشهداء" وكان قائدها حينئذ القائد الشهيد عماد عقل الذي عده القائد والقدوة له آنذاك.
شارك عثمان، والقول لأبو سعده، في تنفيذ عمليات عديدة ومتنوعة بالقدس والضفة كانت أولها عملية "بيت كاحل" بمنطقة الخليل من خلال إطلاق النار اتجاه جنود الاحتلال أدت إلى قتل اثنين وإصابة ثالث بحالة خطِرة.
تلاها عملية ضد مجموعة من الجنود بالقرب من مقبرة الفالوجا بجباليا شمال قطاع غزة أدت إلى قتل العديد من الجنود وإصابة بعضهم كما أعلن العدو الصهيوني.
وبين سعدة، ووفقًا لبيان أصدرته كتائب القسام أمس الأول، أن الشهيد عثمان، أحد أبطال عملية التلة الفرنسية عام 1993م التي احتجز خلالها مع إخوانه حافلةً إسرائيلية، وأخذوا من بداخلها رهائن بهدف مبادلتهم بأسرى بسجون الاحتلال.
واستدرك: "إلا أنهم اشتبكوا مع قوات الاحتلال فأصيب شهيدنا في العملية إصابةً خطِرةً أدت إلى شلله، في حين استشهد كل من المجاهدَيْن ماهر أبو سرور ومحمد الهندي".
وعدد أبو سعدة، عبر صحيفة "فلسطين" مناقب للشهيد "عثمان" ونضاله من أجل قضيته الوطنية، مؤكدا أنه كان محبا للخير ولا يرفض أحدا طلب مساعدته والوقوف إلى جانبه إلى جانب مساندة أمهات وزوجات الأسرى والشهداء والتخفيف عن معاناتهم وتقديم كل ما يحتاجونه، إلى جانب توفير بعض احتياجات المرضى والإشراف بنفسه على عمليات ترميم وإعمار بعض منازل الفقراء.
أيقونة الصمود
في حين يقول المتحدث باسم حركة "حماس عبد اللطيف القانوع: إن "عثمان" هو أحد أبطال عملية التلة الفرنسية عام 1993 التي احتجز خلالها مع إخوانه حافلةً إسرائيلية، وأخذوا من بداخلها رهائن بهدف مبادلتهم بأسرى بسجون الاحتلال.
ويضيف القانوع لصحيفة "فلسطين": عثمان على مدار تاريخية الجهادي في صراعه مع الاحتلال، مثل أيقونة صمود حقيقية وأصبح رمزية وطنية يفتخر به بين أبناء شعبنا".
ويؤكد أن قضية الأسرى حاضرة لدى حركة حماس ولن تسقط عن الطاولة، وأن حركته تعد قضية الأسرى أم الثوابت ورأس الأولويات، مجددًا "أن حركته لن تخذل الأسرى وتواصل العمل من أجل تحريرهم من خلف القضبان".
وذكر أن حركته لديها أوراق قوة تمكنها من تحرير أسرانا، مشيرًا إلى أن تحرير الأسرى استراتيجية لدى حماس وعملت عليها طوال السنوات الماضية ونفذت العديد من العملية لأسرى جنود الاحتلال ومبادلتهم بأسرى فلسطينيين ما يؤكد أن مسار حماس في تحرير الأسرى ماضٍ ولا بديل عن الإفراج عنهم إلا بخطف الجنود.
والعملية التي نفذها عثمان ورفاقه كانت تهدف لاختطاف الباص رقم 25 من مستوطنة التلة الفرنسية، والسير به وفق طريقٍ متفق عليه، ليصل إلى جنوب لبنان كي تُعقد صفقة تبادل أسرى مع الاحتلال تتضمن مطالبة الاحتلال بالإفراج عن: الشيخ أحمد ياسين مؤسس حركة حماس، والشيخ عبد الكريم عبيد القيادي من حزب الله، والإفراج عن 50 أسيراً من حماس، و10 أسرى من حركة فتح، و10 أسرى من حركة الجهاد الإسلامي، و10 أسرى من الجبهة الشعبية، و10 أسرى من الجبهة الشعبية - القيادة العامة.