قائمة الموقع

التراويح وكورونا

2021-04-14T12:47:00+03:00

بعد صيام نحو 14 ساعة يضع الشوقُ إلى شربة ماء وتمرة أوزاره، وتدبّ في العروق همّة جديدة، وتتفرغ القلوب والعقول إلى انتظار صوت المؤذن، معلنًا دخول وقت صلاة العشاء والتراويح.

في كل خطوة إلى المسجد كأن ثمة "مغناطيسًا" يجذب القلب إليه، وتتجمع في الروح جماليات الزمان والمكان.

في الطريق توزع العيون أنظارها على الفرح الذي ينثره رمضان على وجه المارّة أطفالًا وكبارًا، فحلوله إعلانٌ مفاده "أن السعادة للجميع".

ينتشرون في الشوارع والطرقات كما الورود في البساتين، يهنئ بعضهم بعضًا، ويدعون الله أن يعيده عليهم بالخير والبركات، ويحيون معاني الأخوّة.

ويتجلى هنا تنافس المصلين الذين يشدهم الحب إلى الطاعات على الصفوف الأمامية، وهم يتمتعون بذكر الله، وبجمال نبرة صوت المؤذن الذي يسقي قلوبهم بالخشوع.

وتكاد تُسمع من كلّ قلبٍ قفزات نبضه فرحًا بالاجتماع المهيب بين يدي الله في صلاة التراويح بعد العشاء، التي كانت تتوسطها دروس وعظات.

وما إن يصلون إلى المسجد حتى تتجهز آذانهم إلى الإنصات لآيات الله، التي تعلمهم وتعظهم وتذكرهم، وتغسل ما اعترى قلوبهم وعقولهم من مشاغل الدنيا، وتطمئنهم أن ثمة وقتًا أمامهم للعودة إلى الله.

مع كلّ حرفٍ يرتله الإمام تفيض الأعين من الدمع، وهناك صوتٌ يتردد داخل كل مصلٍّ: ثمة فرصة لتتخلص مما يؤرقك، أنت الآن بين يدي القادر على كل شيء.

كأنما يعيد المرء في هذا الوقت ترتيب أوراق حياته، ويعيدها إلى بوصلتها الصحيحة.

وقبل انتشار كورونا كان ما يشغل معظمنا عند الذهاب إلى صلاة التراويح اختيار الجلابية الأكثر أناقة (التي يشيع ارتداؤها في رمضان)، والعطر الذي لا ينافسه آخر في رائحته الفواحة، وهذا العام سيكون لزامًا اختيار كمامة مناسبة والاستمرار في ارتدائها.

كل هذا الشوق الذي يغمرنا لرمضان وصلاة التراويح يجب أن يرافقه حرص كلّ منا على سلامة المصلين، لئلا نصاب أو نتسبب في إصابة المصلين بالفيروس، ولنساعد على استمرار فتح المساجد.

نتقارب بالقلوب والعمل الصالح والفرح بأن بلغنا الله رمضان وأعطانا فرصة جديدة "للحياة فيه وبه"، ونتباعد بالأبدان وفقًا لما تقرره "الأوقاف" وأسر المساجد، عسى الله أن يأذن بأن نستقبل رمضان ونودّع كورونا إلى الأبد.

 

اخبار ذات صلة