تفيد المعطيات على الأرض بأن إحكام السيطرة الإسرائيلية على مدينة القدس المحتلة، وعزلها بالكامل عن محيطها الفلسطيني باتا في مراحلهما الأخيرة، وصولًا إلى الهدف الإسرائيلي المتمثل في "القدس الكبرى" التي يفوق فيها عدد المستوطنين عدد الفلسطينيين، كما يبيِّن مختصان في شؤون المدينة المقدسة.
وأفادت صحيفة "هآرتس" العبرية بأن لجنة التخطيط والبناء التابعة لبلدية الاحتلال في القدس ستناقش بناء وحدات استيطانية جديدة في مستوطنة "هار حوماه" جنوب المدينة، وبينها وبين مستوطنة "جفعات هماتوس".
محاصرة القدس
المختص بشئون القدس راسم عبيدات بيَّن أن الوحدات الاستيطانية الجديدة التي ينوي الاحتلال بناءها في "جفعات هماتوس" (المقامة على أراضي خربة طباليا المصادرة) بجانب استحداث مستوطنة جديدة قريبة من "مستوطنة هارحوماه" ستؤدي إلى غلق الطريق بين بيت صفافا وجبل أبو غنيم.
وقال لصحيفة "فلسطين": "هذا التواصل الاستيطاني سيفصل جنوب القدس عن بيت لحم وجميع مدن جنوب الضفة الغربية، في حين سيبني الاحتلال قرابة 200 وحدة استيطانية في معاليه أدوميم ستُساهم في إغلاق الجهة الشرقية للقدس عن الضفة".
وأضاف: "أما في شمال القدس فسيبني الاحتلال قرابة عشرة آلاف وحدة استيطانية في عطروت ومنطقة المطار ستفصل القدس عن رام الله والضفة كليًّا".
وبتنفيذ تلك المخططات -وفقًا لعبيدات- سيُكمل الاحتلال محاصرة القدس بالمستوطنات من جهاتها الأربع سعيًا لتهويدها وعدم إبقاء سوى 10% من الأرض بيد الفلسطينيين، الأمر الذي سينعكس تلقائيًّا على الميزان الديمغرافي في المدينة ليصبح 80% لصالح المستوطنين لتغيير المشهد كُليًّا فيها وتحويلها من مدينة عربية وإسلامية إلى يهودية.
يقول عبيدات: "هذا جزء بسيط من جملة مشاريع استيطانية باتت في مراحلها النهائية كوادي السيليكون بجانب المساعي لتهجير أحياء فلسطينية بأكملها كالشيخ جراح في عملية تهويد متسارعة وكبيرة جدًا".
ولم يبدِ عبيدات استغرابه لكون هذه القرارات الإسرائيلية الجديدة في عهد إدارة بايدن، قائلًا: "الإدارات الأمريكية هي امتداد لبعضها بعضًا في البعد الإستراتيجي، فجميعها هدفها دعم (إسرائيل) والحفاظ على تفوُّقها في منطقة الشرق الأوسط كقوة استعمارية تابعة لأمريكا.
وعدَّ أن التعويل الفلسطيني الرسمي على تغيير الحكومات الإسرائيلية والإدارات الأمريكية مجرد إرهاق لشعبنا؛ لكون أنها لن تغيِّر شيئًا في السياسات الخارجية.
وتوقَّع -وفقًا لما سبق- أن تصدِّق الإدارة الأمريكية الحالية على أي قرارات استيطانية إسرائيلية جديدة؛ لكونها معنية بإدارة الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي فقط دون حله.
وأشار إلى أن الإدارات الأمريكية جميعها لم تنفِّذ أي قرار دولي يجرم الاستيطان بالقدس، ما يعني أنها لن تتحرك حتى لو التهمت (إسرائيل) الضفة الغربية والقدس بأكملهما".
تهجير أحياء بأكملها
في حين بيَّن الناشط ضد الاستيطان صلاح الخواجا أن القرارات الإسرائيلية الأخيرة تأتي في إطار تصاعد الاستيطان بالقدس والمساعي لتحويل الاستيطان من فردي إلى جماعي في أغلب المناطق بالقدس.
وقال: "يأتي في إطار ذلك سياسة محاولة تهجير أحياء فلسطينية كاملة لإفراغ البلدة القديمة بالقدس ومحيطها من الفلسطينيين"، مشيرًا إلى أن الوحدات الجديدة ستمنحها (إسرائيل) للمستوطنين الشباب تشجيعًا لهم للانتقال لـ"القدس الكبرى