فلسطين أون لاين

​متزوجات ولكن!

...
بقلم / أمل يونس

في مجتمعنا الوقور إن شعر الرجل بتقصير من زوجته يتجه نحو زواج ثانٍ، أما بالنسبة للمرأة، فماذا تفعل إن وجدت هذا القصور؟!

للأسف الشديد، إن المجتمع يصب في صالح الرجل، فهذا الرجل الذي يدعي قصور زوجته، هل نظر المجتمع باتجاه قصوره هو معها؟

إن هجر زوجته فهو مسموح له، ومجاز من كل المجتمع، إن ضرب، وأهمل، وأهان، وقصر، لدرجة أن له الحق في هجرها في فراش الزوجية متى شاء، ثم يذهب للعامة يمثل دور الضحية بأنه مهجور! هذا الزوج الذي لا يلاطف زوجته، ولا يغازلها، ولا يثني عليها، ويعاملها على أنها جارية، أو خادمة تربي أبناءه، وتقوم بأمور البيت، لا يعاملها على أنها بشر، تحس، تتوق للاهتمام، تتوق للحب، تتمنى زوجًا كما الأخريات. كم مرة وجد الرجل زوجته متزينة له، ولم يثنِ على أناقتها، أو هندامها؟ كم مرة غازلته وحدثته برفق، فنظر إليها بلا مبالاة، وربما بازدراء، وربما ألقمها بعض الكلمات المسممة، فكسر خاطرها، وتركها تنام ليلها باكية محطمة، لماذا يريد الرجل تنفيذًا لرغباته في الآن العاجل، ولا يقدر لزوجته رغباتها، أو حتى تعبها فيراعيه ويساعدها؟ يقول السيد الرجل: أخاف على نفسي من الفتنة؟ أو لا تخاف المرأة على نفسها من الفتنة؟! وإن اختلفت الفتنة في الحالين ربما، فربما تخشى المرأة المهشمة الإنسانية، الموغلة في الحرمان من نظرة اهتمام غريبة، أو إعجاب من هنا أو هناك، ولا يمنع المرأة من ذلك إلا خشيتها من الله عز وجل ومقدار الخلق في تربيتها. هل يفكر الرجال في نفسية المرأة؟ في ضعفها؟ في حاجتها؟ لا للأسف، إلا من رحم ربي. تلك المرأة التي تتفانى لتملأ عين زوجها، فترهق نفسها بـ(الريجيم) ربما، وربما بالزينة؛ لتبدو أجمل، لكنه لا يلقي بالًا لها، فربما شغل بإحداهن، وزوجته تقضي يومها تدور في البيت تلبي طلباته وطلبات أبنائه، توفر لهم الراحة، بينما هم يتذمرون من تعبها! المرأة هذه ربما تجد نفسها في آخر المطاف مهملة، غير معترف بها كبشر لديه من الطموح والأحلام والمشاعر والرغبات ما يملك الرجل، لكن أنانية الرجل تطغى في هذا الجانب، فيأتي بزوجة جديدة، والمشكلة ليست في التعدد، المشكلة في فارق التعامل لدى الرجل مع زوجته الأولى ومقدار الذل والإهانة والإهمال، والحرمان من العلاقة الزوجية الشرعية.

فمن حق الزوجة على زوجها ألا يغيب عنها أكثر من ستة أشهر إلا بإذنها، فقد روى مالك في الموطأ عن عبد الله بن دينار قال: خرج عمر بن الخطاب من الليل فسمع امرأة تقول:

تطاول هذا الليل واسود جانبه وأرقني أن لا خليل ألاعبـه

فسأل عمر ابنته حفصة: كم أكثر ما تصبر المرأة عن زوجها؟ فقالت: ستة أشهر، أو أربعة أشهر، فقال عمر: لا أحبس أحدًا من الجيوش أكثر من ذلك.

وعليه، فلا يجوز لك الغياب عن امرأتك أكثر من المدة المحددة في حديث عمر إلا بإذن الزوجة. أما زوجته الثانية بما تلقاه من دلال وترف، ومعاملة، وينسى من وقفت لجانبه ومن صحت لأجله ومن أفنت عمرها بقربه، وكأنها صارت قطعة قماش بالية، إن كان هذا هو مفهوم التعدد فألف لا يا سادة، ما هكذا تورد يا سعد الإبل. فليراجع الأزواج علاقاتهم بزوجاتهم، هل هم على استعداد لتوفير ما يطلبونه من زوجاتهم هم لأنفسهم؟! المرأة كائن بشري ضعيف، لكنه يشعر ويتألم، ويحتاج حبًا واهتمامًا كي ينثر عطره على من حوله، فلا يمكنكم زرع الورود ثم تركها، فبالتأكيد ستذبل هذه الوردة، وسيجف عطرها.