فلسطين أون لاين

ازدواجية الإحساس يعرفها سكان مخيم الفارعة

...
صورة أرشيفية
نابلس - خاص "فلسطين"

لطالما عرف عن سجن الفارعة الشهير سوء صيته، كونه تسبب في آلام عشرات آلاف الفلسطينيين الذين ذاقوا عذابات في أقبية التحقيق، أو السجن وعزل الزنازين، لكن مخيم الفارعة نفسه على النقيض تماماً، فمنه يفوح الشوق والحنين، أما أهله فهم مؤمنون حتى النخاع بأن حق العودة لا يسقط بالتقادم، بل ويجددون إيمانهم في ذكرى النكبة الـــــ 69.

منذ عام 1948 لجأ إلى مخيم الفارعة في مدينة نابلس آلاف الفلسطينيين، لتتواصل نكبتهم بشكل مؤلم حين قامت سلطات الاحتلال ببناء وتوسعة سجن الفارعة بمحاذاة المخيم، الذي لا ينسى ألمه الأسرى المحررون.

يتذكر خالد منصور، الناشط في مجال مقاومة الاستيطان ومقاطعة منتجات الاحتلال، مأساة اللجوء، قائلاً: "حق العودة مقدس ولا يسقط بالتقادم، قبل 69 عاما كان آخر عهدٍ في حياة عائلتي في بلدتنا أم الزينات".

ويتابع: "في تلك الليلة، وبعد أن حاصرت عصابات الصهاينة البلدة وقصفتها، اضطرت عائلتي للخروج من بيتها دون أن تحمل معها أي شيء من المتاع، ظناً منها أنها ستعود مجدداً في غضون أسبوعين، وكغيرنا لم نتوقع أبداً أننا سنغدو لاجئين ونحرم من العودة إلى بيوتنا وأملاكنا لعقود من الزمن".

وأخذ منصور يشدو شيئاً مما حفظه في تلك الأيام: "صباح الخير يم الزينات، لبير الهرامس والناطف والشقّاق .. لجورة البير والبطيحي والمصرارة والحج حسن وواد الملح وبكّار، صباح الخير لمغارة لمعلّقة ومغر النواميس، وللغنمات والجاجات والحمام اللي بعدو بنتظر عودة الغيّاب".

ويبدو ابن المخيم منتصر سلامة متقداً بالحنين لقريته التي هُجّر منها، معبراً عن شوقه بالقول: "كل من يمر بالشارع الرئيس قبالة المخيم، أو حتى يدخله سرعان ما يدرك حجم المأساة لجموع اللاجئين، ربما هو هذا التشبيه الذي يحضرني، فكما السجن مؤلمٌ بذكرياته لا سيما أن أسرانا الأبطال يخوضون إضراباً مطولاً عن الطعام للشهر الثاني، فإن الحنين إلى قريتي العباسية موجع وقاسٍ".

أما الأسير المحرر جمعة رمضان من مدينة جنين، فينتابه إحساس يكدر صفوه عندما يمر بقرب مخيم الفارعة ويشاهد سجنه الملاصق، حيث قضى فيه أكثر من عامين خلال انتفاضة الحجارة التي ما زالت صورتها عالقة في ذهنه.

يقول رمضان: "ما إن وصلتُ بوابة سجن الفارعة حتى أصابتني قشعريرة، وعادت بي الذكريات لمئات الشبان صغار السن الذين كانوا يقومون بإلقاء الحجارة على قوات الجيش، ويؤتى بهم إلى خيم وغرف السجن حيث التعذيب والمعاناة التي لا توصف".

ويقول اللاجئ خالد معروف من المخيم: "مخيم الفارعة له وقعٌ سيئٌ في النفس لوجود سجن الفارعة بمحاذاته، ولذلك صار اسم مخيم الفارعة غير مفضل لارتباطه بالسجن حيث التحقيق والضرب والجلد".

ويضيف: "سُجنت أربعة أشهر في السجن خلال الانتفاضة الأولى، وكنت أسمع الهتافات وإطلاق الرصاص على المتظاهرين، كان ذلك يرفع من معنوياتنا خلال التحقيق العنيف من قِبل جنود الاحتلال والمحققين".

ويرى بعضٌ أن معاناة مخيم الفارعة تفوق المخيمات الأخرى كونه منعزلا نوعاً ما وبعيدا عن مراكز المدن، ولأنه مقترن باسم سجن الفارعة، فلا يفصل السجن عن المخيم سوى شارع يوصل إلى طوباس ومدينة نابلس.

وبحسب الموسوعة الفلسطينية ومؤسسة راصد فإن مخيم الفارعة أُنشئ عام 1949 فوق مساحة من الأرض في التلال السفحية لوادي الأردن بالقرب من عين الفارعة.

ويبعد المخيم 17 كيلو متر إلى الشمال الشرقي من نابلس، وينحدر أصل سكان المخيم من 30 قرية تابعة للمناطق الشمالية الشرقية من يافا، وكسائر مخيمات الضفة الغربية، فقد بني المخيم فوق قطعة من الأرض قامت "الأونروا" باستئجارها من الحكومة الأردنية، وفي أعقاب مذكرة "واي ريفر"، أصبح المخيم واقعاً تحت سيطرة السلطة الفلسطينية.