قائمة الموقع

مقربون يشيدون بمناقب الداعية فرحات.. صاحب علم وأثر اجتماعي

2021-03-29T11:10:00+03:00
صورة أرشيفية

استيقظ أهالي قطاع غزة أمس على خبر وفاة أحد قيادات حركة "حماس"، الداعية الشيخ يوسف فرحات، الذي شهدت له المنابر الدعوية المختلفة بجهوده في نشر الثقافة الإسلامية. ويؤكد مقربون منه أنه بدأ النشاط الدعوي في سن مبكرة، وكذلك الجهادي حين كان أحد مؤسسي "كتائب القسام".

وشيع آلاف المواطنين في مخيم النصيرات أمس جثمان المدير العام للوعظ والإرشاد ووحدة القدس بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية بغزة، الشيخ فرحات، الذي نعته "حماس"، وقالت إنه أحد قادتها "وعلم من أعلام الجهاد والمقاومة والدعوة".

المؤرخ الفلسطيني د. غسان وشاح، قال: إن فلسطين ودعت عالمًا عاملًا مجاهدًا، من السابقين إلى التزام الدين الإسلامي وله بصمات واضحة في تغيير ثقافة أبناء شعبنا الفلسطيني، وصاحب تأثير كبير نحو تغيير الثقافة إلى الالتزام الديني.

ويبين وشاح -الذي رافق فرحات مدة طويلة- أن الراحل كان خطيبًا بارعًا ومبدعًا منذ نعومة أظفاره، إذ اعتلى المنابر في المرحلة الثانوية، "فكان له من حينها نشاط مميز في الدعوة إلى الله وله فضل على عشرات بل مئات العلماء الذين أصبحوا من القامات العلمية التي يشار لها بالبنان، فهو الذي كان سببًا من أسباب هدايتهم والتزامهم الدين الإسلامي".

وفي الوقت ذاته كان فرحات رجلًا صلبًا وعنيدًا في الحق فهو من أوائل الناس الذين نادوا بالجهاد على أرض فلسطين، يؤكد وشاح، مشيرًا إلى أن فرحات اعتقل عام 1991 حين اتهمه الاحتلال بأنه مفتي "كتائب القسام" وأحد مؤسسيها ومكث في أقبية التحقيق عدة أشهر ونقل للمستشفيات الإسرائيلية عدة مرات بفعل التعذيب وهي من الحوادث التي كتبت عنها الصحف الإسرائيلية.

وذكر أن الشيخ فرحات قضى عدة سنوات في سجون الاحتلال دون أن يعترف بأي شيء من التهم الموجهة إليه، وما زالت آثار التعذيب موجودة على جسده حتى وفاته.

ولفت إلى أن فرحات انحدر من عائلة بسيطة وفقير ماديًّا، وكان متواضعًا في هيئته وملبسه ومسكنه وحركته وتعامله مع الناس، وكان لا يحب مطلقًا المناصب، "ولم نرَه يومًا يزاحم عليها".

وأفاد بأن الراحل فرحات عمل في وزارة الأوقاف مديرًا عامًّا لعدد من دوائرها وختم حياته في دائرة القدس، ويشهد له زملاؤه بأنه كان "شعلة من النشاط" ينتمي للقضية الفلسطينية انتماءً شديدًا، وله علاقات خارجية مع العلماء في كل مكان.

واستدرك بالقول: "مع صلابته إلا أنه جريء في التنازل عن رأيه إذا اقتنع وعلم أن هناك رأيًا أصوب منه، وهو قارئ من الطراز الأول وعابد مبتهل إلى الله ينتظر رمضان من العام للعام إذ يعتكف فيه كاملًا، وله في كل شهر من غير رمضان ثلاثة أيام خلوة مع الله".

وأضاف: "كان قريبًا من الفقراء، إذ عمل لعدة سنوات في لجنة الزكاة في مخيم النصيرات فكان دائمًا يتفقد الفقراء ويجمع الأموال ويرسلها لهم وللأرامل وأبناء الشهداء".

وبين أن الشيخ فرحات كان إمامًا لمسجد "القسام" بالنصيرات -أحد أكبر مساجد قطاع غزة-"وقد حدثني من رآه في آخر ساعاته أنه بعد أن غادر المسجد عشاءً وقف مع الشباب الجالسين في الشوارع قرابة نصف ساعة ليشحذ هممهم استعدادًا لرمضان".

وأضاف: "كان موعده ليترك بيته ليبيت عند والدته المسنة، فصلى ركعتين لله، وكتب منشورًا على الفيسبوك، يحث فيه على المسامحة بين الناس في ليلة النصف من شعبان، فأرادت أمه أن توقظه للأذان الأول من الفجر فلم يستيقظ، فأخذت تصرخ ونقله أهل الحي للمشفى إذ تبين أنه متوفى منذ عدة ساعات".

ولفت إلى أن الشيخ فرحات أحد قيادات "حماس" التاريخية وأحد مؤسسي فكر "حماس" بغزة وعضو مجلس "شورى" الحركة في النصيرات، وهو صاحب وعي سياسي ونضج فكري، يقدم رأيه بجرأة في كل محفل لكنه يحترم الجماعة ويلتزم قرارها.

مناقب الراحل

بدوره، بين وكيل وزارة الأوقاف والشؤون الدينية السابق بغزة د. حسن الصيفي أن معرفته بفرحات بدأت من مقاعد الدراسة في الجامعة الإسلامية عام 1981، إذ ربطتهما علاقة عميقة على المستويين الشخصي والعلمي وكان بينهما زيارات متبادلة.

وامتدت علاقتهما -وفق الصيفي- لسجون الاحتلال حيث التقيا معًا هناك، ومن بعدها درسا الماجستير معًا، إلى جانب شراكتهما في العديد من المحطات السياسية والدعوية والحركية وصولًا للعمل معًا في "وزارة الأوقاف".

وقال: "أما علم الشيخ فرحات، فقد كان الشيخ مشروع عالم منذ أكثر من عشرين عامًا، لديه نهم غير عادي للعلم والمعرفة وقراءة كتب التراث ما انعكس على ثقافته التأصيلية في العلوم الشرعية، ممتلكًا في الوقت نفسه فكرًا وسطيًا".

وأضاف: "هو من أوائل الشخصيات الدعوية التي تحدثت في مسائل شرعية بمرونة عالية ووجه بانتقادات أحيانًا لكنه كان يسبق جيله لأنه مستنير ومتنور".

وشبه الصيفي زهد الشيخ فرحات بسيرة الإمام الحسن البصري، "فقد كان زاهدًا بكل معنى الكلمة، لم تكُن الدنيا جزءًا من همومه على الإطلاق إلا بقدر ما يلزمه للبقاء، وكان قنوعًا راضيًا بقدر الله".

وأشار إلى أنه كان له سبق المبادرة لإنشاء "الملتقيات الدعوية الميدانية"، و"حلقات شيوخ العلم"، و"الحلقات المنهجية في قراءة الكتب وشرحها"، كان على الجانب الإنساني طيبًا بسيطًا متواضعًا ودودًا يكره الغيبة والنميمة.

وقال: "كان قريبًا من قلوب الناس ومرؤوسيه في العمل الذين أحبوه حبًّا شديدًا لتواضعه، لا يغضب أحد، لديه استيعاب للرأي الآخر فلا ينزعج من مخالفة أحد لرأيه، بل ينتهج مع المخالفين أسلوب الحوار المؤدب واللطيف والمرن".

وأشار الصيفي إلى أن سعة صدره أهلته لأن يوحد جهود بعثتي الحج من الضفة وغزة على الرغم من الخلاف السياسي بين الطرفين ويطور الخدمات الدعوية للحجاج.

اخبار ذات صلة