فلسطين أون لاين

رغم معوقات الاحتلال والسلطة حافظت على دوران رأس المال

تقرير اقتصاديون: حكومات غزة عزَّزت قطاعَي الإنتاج والتجارة

...
صورة أرشيفية
غزة/ رامي رمانة:

أجمع اختصاصيون اقتصاديون على أن حكومات غزة المتعاقبة منذ عام 2007 وحتى 2021، استطاعت تجاوز العقبات الاقتصادية التي فرضها الاحتلال الإسرائيلي ومن يسير على نهجه من الدول، كما تغلبت على عقوبات السلطة المالية.

وأكدوا أنه على الرغم من تلك العراقيل فإن حكومات غزة نجحت في تفعيل قوانين اقتصادية مهمة، ونفذت بجهود ذاتية وبمساعدة الأصدقاء العرب والغرب مشاريع مهمة، وحققت اكتفاءً ذاتيًا في العديد من المنتجات الزراعية، وعززت البنية التحتية بمشاريع مياه وصرف صحي وطرق حيوية، وأقامت منشآت سكنية لمحدودي الدخل والفقراء، فضلاً عن توفير أرضية للقطاع الخاص في الاستثمار المالي وإنشاء مؤسسات مصرفية إسلامية.

وأشاروا إلى أن الحكومات المتعاقبة لو أتيح لها الفرصة الحقيقية لتمكنت من زيادة معدلات النمو في الإنتاج، وقلصت أعداد البطالة والفقر، وتوسعت في المشاريع التنموية والإنتاجية.

عقوبات مشددة

وقال الاختصاصي الاقتصادي د.معين رجب إن قطاع غزة تعرض منذ فوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية لتحديات كبيرة جداً، ومورست بحق المواطنين انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بدءًا بفرض حصار مشدد ومررواً بحروب ثلاث، واجتياحات متكررة، وانتهاءً بعقوبات السلطة الاقتصادية، فجميعها كان لها عبء اقتصادي على حياة المواطنين.

وأضاف رجب لصحيفة "فلسطين" أن حكومات غزة أصرت على استئناف مشوارها في تأدية الأمانة الموكلة إليها من المنتخبين، على الرغم من مقاطعتها فلسطينياً ودولياً ووضع العصي في دواليب عجلتها.

وبين رجب أن القائمين على إدارة غزة كانوا أمام تحدٍّ كبير جداً حينما أعطى رئيس السلطة محمود عباس قرارات لموظفيه في غزة بالاستنكاف عن العمل في كل الدوائر، وهو ما جعل المؤسسات الحكومية وبخاصة الصحية والتعليمية، والمراكز الشرطية، في خطر كبير، ما استدعى من حكومة غزة الاستعانة بموظفين جدد، من كل التخصصات.

وتابع رجب أن ذلك جعل الخدمات المقدمة لعامة الناس أقل من السابق، نظراً لغياب الخبرة عند الموظفين الجدد، كما أن الاستنكاف شكل تحديداً مالياً لأن إدارة غزة اضطرت إلى الالتزام بدفع رواتب للموظفين وقتئذ، لأن السلطة امتنعت عن إعطاء غزة نصيبها من عائدات الضرائب على المعابر ونصيبها السنوي من التمويل الخارجي.

وبين رجب أن حكومات غزة حاولت بأقل الإمكانات المتاحة والاستدانة المحلية، أن تسير الحياة بغزة، ونجحت في ذلك، وهو ما لم يرق للاحتلال الذي شن حروبا ثلاثا على قطاع غزة، كان يستهدف خلالها القطاعات الإنتاجية والصناعية لإنهاء أي نشاط اقتصادي.

وأشار إلى أن قطاع غزة عاش فترة ذهبية حين تقلد الرئيس محمد مرسي سدة الحكم، خلالها عاد القطاع لقوته الاقتصادية، وشهد مزيدا من الدعم والإسناد العربي والدولي، إلا أن تلك الفترة لم تدم، وعادت غزة لتشهد مزيدا من التضييق الاقتصادي، حتى نجحت إدارة غزة في إعادة ترتيب علاقتها مع مصر، وعلى أثرها تمكنت الحكومة من جعل منفذ تجاري لقطاع غزة مع مصر يمد المواطنين بالسلع التموينية والمحروقات.

ولفت رجب إلى أن استمرار رفض الاحتلال لعمال غزة العودة للداخل المحتل زاد من العبء الاقتصادي، فاضطرت الحكومة لاستيعاب أكبر عدد منهم في وظائفها وتشغيل آخرين مؤقتاً في برامج تشغيل تابعة لها، تقيمها مؤسسات دولية وأهلية وخاصة.

من جهته تطرق الاختصاصي الاقتصادي د. أسامة نوفل إلى التحدي المالي الذي واجهته حكومات غزة في تأمين رواتب موظفين بدل المستكفيين وقتئذ أن الإيرادات محدودة جداً.

وقال نوفل لصحيفة "فلسطين" إن حكومات غزة بسبب استنكاف موظفي السلطة اضطرت إلى توظيف حوالي 45 ألف موظف مدني وعسكري، جزء منهم قطعت السلطة رواتبهم، كما التزمت إعطاء 5500 راتب لأسر الشهداء والأسرى المقطوعة رواتبهم.

وأضاف أن السلطة كانت تستفيد من قطاع غزة من (80-90) مليون دولار شهرياً من عائدات أموال المقاصة وأموال المانحين، في المقابل فإن إنفاق السلطة الشهري على غزة نحو 50 مليون دولار، وعلى الرغم من هذا التخاذل تصرح السلطة بأنها تنفق على غزة أكثر مما تحصل عليه.

وأكد نوفل أن حكومات غزة استطاعت تجاوز عقبة عدم تعامل المصارف الفلسطينية والوافدة معها مالياً في تفعيل بنك البريد الذي مكنها من تسيير الحركة المالية المحلية، كما أعطت حكومات غزة القطاع الخاص الموافقة على إنشاء بنكين إسلاميين "الوطني الإسلامي والإنتاج" اللذين كان لهما دور كبير في تقديم تسهيلات ائتمانية لموظفي الحكومة وللقطاع الخاص.

اكتفاء ذاتي

وبين نوفل أن حكومات غزة عززت وجود المنتج المحلي في السوق المحلي وحمايته من المستورد كما فعَّلت قوانين لحماية المستهلك في ضبط الأسعار وتقييد المنتج الالتزام بالمواصفة الفلسطينية، ومحاربة أشغال الغش والتدليس.

وأشار إلى أن حكومات غزة حافظت على انسياب المواد الغذائية لقطاع غزة، خاصة في فترة جائحة كورونا.

وتطرق نوفل إلى القطاع الزراعي الذي سجلت فيه حكومات غزة اكتفاءً ذاتيًا، وهو ما ساهم في تشجيع المزارعين على التوسع الزراعي، وتشجيع الإنتاج الحيواني، لافتاً إلى أن وزارة الزراعة أنشأت العديد من المختبرات الزراعية وأقامت بنوكا للبذور، وشجعت على الاستثمار في أراضي المحررات.

كما تمكنت حكومات غزة، حسب نوفل، من خلال تطوير علاقتها الخارجية من رفد قطاع غزة بمشاريع طرق كبرى، كشارعي صلاح الدين والرشيد، وإنشاء مشاريع إسكانية كمدينة حمد السكنية، وتفعيل التعاونيات الإسكانية.

وشدد على أن حكومات غزة نجحت في إخراج قطاع غزة من هيمنة الاحتلال على المعابر، بفتح مسار تجاري مع مصر "بوابة صلاح الدين" حيث ارتفع حجم الاستيراد من الجانب المصري من (7% إلى 15%) خلال خمس سنوات ماضية.