ثمة سيناريوهات وإجراءات من المحتمل أن تضع نزاهة الانتخابات التشريعية على المحك، وتزيد من علامات الاستفهام بشأنها، أبرزها احتمالية غياب مؤسسات المجتمع المدني عن الرقابة، وبروز قضية استبعاد معلمين ينتمون لألوان سياسية أخرى من الرقابة على الانتخابات.
وسبق للمجتمع المدني أن أعلن في الرابع من مارس/ آذار الجاري مقاطعته الانتخابات ما لم تلغِ الحكومة في رام الله القرار بقانون "الجمعيات".
وإضافة إلى السيناريو السابق تبرز مسألة عدم نشر نتائج التحقيق في قضية التلاعب بالأسماء وتغيير البيانات داخل السجل الانتخابي لعدد من المواطنين في 17 فبراير/ شباط الماضي، وهو ما لاقى موجة ردود فعل شعبية وفصائلية ومؤسساتية فلسطينية كبيرة.
وحذر الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة "أمان"، من أن "تأخير النيابة العامة في الضفة الكشف عن مجريات الشكوى المقدمة من لجنة الانتخابات المركزية، بشأن التلاعب بسجل الناخبين ونقل عناوين العديد منهم لمناطق يسيطر عليها الاحتلال، سيكون سببا في إضعاف نزاهة العملية الانتخابية.
كما طفت على السطح أخيرا قضية استبعاد معلمين من الإشراف على الانتخابات على خلفية توجهاتهم السياسية، وهو ما يزيد من علامات الاستفهام، كما يؤكد القيادي في حركة حماس بالضفة الغربية نزيه أبو عون، موضحًا أنه تم اختيار 300 معلم جميعهم ينتمون لحركة فتح أو محسوبون عليها للرقابة على الانتخابات، في حين استُبعد عشرات المعلمين من أطياف وألوان أخرى.
وقال أبو عون لصحيفة "فلسطين" معلقا على ما سبق: إن "أي عمل تظهر فيه الحزبية سنشكك فيه، لأن الانتخابات قضية وطنية، والأصل أن تكون بميزان عالٍ من المسؤولية، وإذا لم تكن هناك نزاهة في القضايا الأولى، فهذا مؤشر مسبق على التلاعب بنتائج الانتخابات".
ويتطرق أبو عون إلى ما نشره ائتلاف أمان، والتلاعب بصناديق الاقتراع، فهذا يدل على وجود إمكانات ضخمة لمثل هذا الفعل.
وتساءل أبو عون عن سبب امتناع لجنة الانتخابات حتى اللحظة عن تحديد الطرف الذي تلاعب، عادًا اللجنة التي شكلتها النيابة برام الله، "إجراءً شكليًا لذر الرماد في العيون، ويستدعي وقفة جادة من مؤسسات المجتمع المدني والفصائل".
وقال: "البعض يريد انتخابات شكلية لإيجاد طرف واحد يقبل بواقع لا يلبي مطالب الشعب الحقيقية".
وعن آثار غياب المجتمع المدني عن الرقابة، فالأصل أن تراقب الجهات الحيادية من مؤسسات إعلامية ومؤسسات مدنية على الانتخابات حتى لا يتهم طرف على حساب آخر، ولكي لا يتم الطعن بنزاهة الانتخابات.
مشاركة مرهونة
رئيسة مجلس إدارة "شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية" شذى عودة، تؤكد أن مشاركة مؤسسات المجتمع المدني التي أعلنت في بيانها الأول مقاطعة الانتخابات، ردًا على تعديلات قانون "الجمعيات" الذي أقرته الحكومة الفلسطينية برام الله، مرهونة باستجابة الحكومة لمطالب مؤسسات المجتمع بتجميد القانون وفق قرار بقانون أو إلغائه، وليس فقط بقرار من رئيس الحكومة محمد اشتية.
وتقول عودة لصحيفة "فلسطين" إن المجتمع المدني سجل مبدئيا لعضوية الرقابة، وأعطتهم الحكومة 40 مقعدا رقابيا، لافتة إلى أنه في حال تلبية مطالب المجتمع المدني سوف تذهب مؤسسات إلى الرقابة وإلا فسنمتنع عن ذلك.
وتنص التعديلات على قانون الجمعيات على التزام المؤسسات عند وضع خططها أن تكون منسجمة مع خطط الوزارات المختصة، والسماح بحلها -إذا لم تلتزم بذلك- والسيطرة على مقدراتها وإيداعها لدى خزينة الدولة بعد تصفية أعمالها.
وتؤكد عودة أهمية دور المجتمع المدني في الرقابة على الانتخابات، فتوثيق ورصد مؤسسات يعطيان مصداقية للانتخابات أمام المراقبين الدوليين، ويستندون إلى التقارير للحكم على نزاهة الانتخابات من عدمها.
تشكيك في الانتخابات
الكاتب والمحلل السياسي عمر عساف وضع علامات استفهام على نزاهة الرقابة الانتخابية في حال غابت مؤسسات المجتمع المدني عن المشهد، "وذلك قد يفتح الباب للتشكيك بالانتخابات ويقلل عمليا من جودة الرقابة العامة المحلية".
وقال عساف لصحيفة "فلسطين" إن تولي المعلمين دور الرقابة كسيناريو في حال غياب المجتمع المدني يحدث خلطا بين الدورين التنفيذي والرقابي، فمهمة المعلمين تنفيذية كترتيب الصناديق وإعطاء الأوراق، في حين يكون الدور الرقابي الكامل للمجتمع المدني، وهذا ما حدث في الانتخابات البرلمانية عام 2006.
وأضاف أنه في حال غابت مؤسسات المجتمع المدني فإن رغبة السلطة بإزاحتها عن المشهد ستكون قد تحققت، لكون السلطة غير راضية عن المجتمع المدني الذي يعمل في كثير من الأحيان بعيدا عن أجنداتها.