قائمة الموقع

شمعتان تذوبان لأجلك

2021-03-25T09:43:00+02:00
م.عماد صيام.jpg

إذا قلَّبت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، وجدتَ العديد من المنشورات والصور والثناء والإطراء وكلمات الحب والوفاء للأُم بمناسبة ما يُسمى "عيد الأُم"، وعلى أرض الواقع تسمع الكثير من قصص العقوق المنتشر بين الأبناء لأمهاتهم وآبائهم!

"...أُمك ثم أمك ثم أمك ثم أبوك".. وصية رسول الله صلّى الله عليه وسلّم –ويا للأسف- لسان حال البعض اليوم يقول: "زوجتك وأولادك ثم زوجتك وأولادك" أما الأم والأب فربما مكانهما في دار المسنين أو في غرفة في بدروم البيت، يُرسل إليها بفضلات طعام كاد أن يفسد! نسيَ هذا الولد العاق أن والديه كانا يحرمان أنفسهما من متع كثيرة من أجله.. نسيَّ أنهما كانا يسهران الليالي يتضرعان إلى الله تعالى عندما يصاب بمرض، ولا ينامان حتى ينام، ولا يأكلان حتى يأكل.. نسيَّ أنهما كانا كشمعتين تذوبان لتضيء له الحياة!

حملته في رحمها تسعة أشهر، وتحمَّلت آلامًا على آلامها ووهنًا على وهنها، ووضعته وروحها تكاد تخرج مع كل زفرة من زفراتها، وأرضعته من صدرها حنانًا يسري مع لبنها.. سهرت الليالي أعوامًا متتالية وهي تنتظر أن يكبر وليدها ليصبح من عباد الله الصالحين، ينشر الخير ويعمر الأرض، فترفع رأسها بين الناس وتقول: "هذا ولدي فليريني أحدكم ولده"، تدعو إليه في كل صلاة بأن يحفظه الله تعالى ويوفقه، فهل من الإنصاف أن نجعل لها يومًا واحدًا في العام لنعبِّر فيه عن شكرنا وتقديرنا لها؟!

لقد أمرنا الله تعالى ببرِّ الوالدين والإحسان إليهما، وقَرَن ذلك بعبادته، ونهى عن الضجر منهما ولو بأقل كلمة في اللغة العربية فقال: {وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا 23 وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} (الإسراء:23/24).

وإذا كان التسبب في جلب الشتيمة لوالديه من أكبر الكبائر، فما بالكم بمن يتأفف ويسبُّ والديه بنفسه؟! وما بالكم بمن يضرب والديه؟!

خاب وخسر من لم ينتهز حياة والديه للفوز بالجنّة، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، قَالَ: "رَغِمَ أَنْفُ، ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُ، ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُ"، قِيلَ: مَنْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: "مَنْ أَدْرَكَ أَبَوَيْهِ عِنْدَ الْكِبَرِ، أَحَدَهُمَا أَوْ كِلَيْهِمَا فَلَمْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ".

إنَّ التعبير عن الحُب الحقيقي والوفاء للأم والأب ليس بمنشورات أو هدايا في يوم واحد، وإنما بالتعبّد إلى الله تعالى بالبر والإحسان إليهما في كل أيام العام.

اخبار ذات صلة