رجح اختصاصيون اقتصاديون أن تبقى ميزانية السلطة الفلسطينية تواجه عجزاً مالياً لأشهر قادمة، بسبب استمرار الإدارة الأمريكية بموقفها الممتنع عن دعم الفلسطينيين، وإن كانت التصريحات الأخيرة إيجابية، ولأن الدول المانحة تواجه اليوم أوضاعاً اقتصادية صعبة للغاية جعل أولوياتها المحلية فوق أي اهتمام خارجي آخر.
وحث الاختصاصيون السلطة على طرق أبواب الدول العربية، وتفعيل كل أدواتها للحد من الإنفاق الزائد، ومحاربة أوجه الفساد الإداري والمالي والوظيفي.
وسبق أن قالت لجنة تنسيق مساعدات الدول المانحة إن السلطة الفلسطينية ستواجه وضعا ماليا صعبا مرة أخرى هذا العام مع عجز في الميزانية قدره 1.2 مليار دولار أمريكي.
وأوضحت رئاسة اللجنة أن العجز سينتج بسبب عوامل مثل النفقات الإضافية للتطعيم والانتخابات وإعادة رفع رواتب موظفي غزة إلى مستوياتها العادية، ورجحت أن يصل مستوى الدعم الخارجي للميزانية إلى 300 مليون دولار أمريكي.
وقال الاختصاصي الاقتصادي د. نور الدين أبو الرب: "حتى الآن لم يصل لموازنة السلطة أي دعم يذكر من المانحين".
وأضاف أبو الرب لصحيفة "فلسطين" أن التوقعات أن السلطة ستعاني من عجز مالي على مدار الأشهر المقبلة، فالعجز اليوم يقدر بـ مليار و200 مليون دولار، وبالتالي فإن لم تتخذ السلطة خططا تنموية حقيقية والاقتصاد في نفقاتها فإن العجز سيزيد أكثر وأكثر.
وحث أبو الرب على أن تأخذ السلطة بمشورة أهل الاختصاص من الاقتصاديين والاستشاريين في إدارة المال العام، والبحث عن إيرادات، والتقليل من النفقات المالية.
في حين قال الاختصاصي الاقتصادي د.رائد حلس :"لا شك أن السنوات الأخيرة وتحديدا فترة تولي دونالد ترامب سدة الحكم في الولايات الأمريكية في عام 2016 تراجع حجم الدعم الدولي إلى فلسطين بشكل ملحوظ، وبخاصة في عام 2018 من جراء وقف جميع المساعدات الأمريكية للشعب الفلسطيني، بما فيها الدعم المقدم لمؤسسات المجتمع المدني والدعم المقدم لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين – الأونروا، وانخفاض المساعدات المقدمة من الجهات المانحة التي تجاوبت مع الإدارة الأمريكية بهدف الضغط على السلطة الفلسطينية للقبول بصفقة القرن التي طرحها ترامب في فترة ولايته.
وأضاف حلس لصحيفة "فلسطين": "وقد أدى انقطاع المساعدات الأمريكية وانخفاض المساعدات الخارجية من الجهات المانحة إلى زيادة الأعباء المالية على السلطة الفلسطينية وزيادة العجز في الموازنة العامة".
وتابع: "بعد تولي جو بايدن سدة الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية هناك تغير واضح في السياسة الأمريكية تجاه السلطة الفلسطينية وهناك بوادر تلوح في الأفق بعودة المساعدات الأمريكية، ما انعكس أيضا على سياسة الجهات المانحة وبالتالي من المتوقع ارتفاع حجم المساعدات الخارجية التي سوف تقدم للحكومة الفلسطينية لا سيما في ظل الأجواء الإيجابية التي تشهدها الأراضي الفلسطينية، وبخاصة التوافق على إجراء الانتخابات في مايو من هذا العام".
ورجح أن ينعكس ارتفاع المساعدات الخارجية إيجابيا على أداء الحكومة الفلسطينية وتخفيض قيمة العجز في الموازنة العامة كما يتطلب أيضا من الحكومة الفلسطينية استغلال المساعدات الخارجية استغلالا أمثل من خلال توجيهها نحو القطاعات الإنتاجية التي تقود إلى تخفيف معدلات الفقر والبطالة وتحسين مستوى المعيشة لدى المواطنين وزيادة معدل النمو الاقتصادي، وكذلك تخصيص جزء من هذه المساعدات للإنفاق التطويري لتطوير البنية التحتية، التي من شأنها خلق بيئة جاذبة للاستثمار.