تزدحم ضفاف واد قانا في الأيام الأولى من فصل الربيع بالمصطافين الفلسطينيين، خاصة مع موجة الدفء الحالية وارتفاع درجات الحرارة، إلا أن المستوطنين المسلحين لهم رأي آخر في تعكير مزاج القادمين إلى المكان للتمتع بالجمال الساحر للواد.
ومن أسفل إحدى الأشجار في واد قانا، قال المتنزِّه خليل البسطامي من نابلس: "انظر هناك، يوجد مستوطنون مسلحون يعرفهم المرء سريعًا، لكونهم يكونون شبه عراة، ومعهم أسلحة شخصية، ولا يقتربون منا إلا في حالة أرادوا طردنا من المكان".
وفي واد قانا لا يجد المتنزِّه صعوبة في تمييز المستوطَنات عن القرى الفلسطينية خاصة تلك التي فوق الجبال والتلال العالية حول مشارف واد قانا.
وعن ذلك، يقول عبد الله المصري من مدينة نابلس والذي درج على المجيء والتنزُّه في واد قانا: "القرى تتميز بوجود مآذن فيها تعلو في السماء بينما المستوطنات لا يوجد فيها، وغالبية سطوحها من (الكرميد الأحمر)، حديثة البناء، بينما القرى الفلسطينية قديمة وفقيرة وأثرية منذ آلاف السنين".
ويضيف المصري أن كل جبال وتلال واد قانا وفلسطين عمومًا تتميز بالجمال، متابعا: "من حقنا أن نذهب أينما نريد فوق أرضنا ونستمتع بالجو الدافئ والأرض الخضرة، بعد ذهاب المنخفضات الباردة وليس من حق المستوطنين المستجلبين طردنا تحت تهديد السلاح".
ومن خلال النظر في واد قانا يُرى أطفال وهم يجمعون الزهور ويستمتعون بمنظر التلال الجميلة وانسياب المياه في واد قانا.
وما يُدهش الزائر من واد قانا، هو كثرة وجود المستوطنات والبؤر الاستيطانية على قمم الجبال منها، مستوطنات "عمونئيل" و"ايل متان" وأخرى لا يعرف لها اسم.
ويؤكد سعيد زيدان رئيس بلدية دير استيا أن واد قانا الذي تبلغ مساحته أكثر من 11 ألف دونم، يعاني هجمة استيطانية، وأن المستوطنين يطردون أحيانا المزارعين والمتنزهين الفلسطينيين. ويضيف أن الاحتلال يمنع بلدية دير استيا حتى من وضع أدراج في واد قانا لإراحة المتنزهين بحجة أنه محمية طبيعية، في الوقت الذي يتوسع الاستيطان كل يوم في تلال وجبال واد قانا المحيطة به، فضلًا عن تجريف الأراضي.
وبحسب المزارع محمود عقل من دير استيا، فإن ما يزيد جمال واد قانا هو حقول الزيتون والبرتقال والليمون، والتي باتت مستهدفة باستمرار من المستوطنين بالتوسع الاستيطاني، حيث إن ثماني مستوطنات تزحف على واد قانا.
ويتحاشى بعض المتنزهين من قرى وبلدات الضفة الغربية التنزُّه بقرب المستوطنين المسلحين وهو ما يحرمهم من مناظر طبيعية خلابة، حيث يخشى أن يطلق المستوطنون النار عليهم حجج أمنية واهية.
وينبِّه غسان دغلس مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة إلى أن المستوطنين يعتدون على مُزارعي واد قانا ويضيقون عليهم لمصادرته لاحقًا.
وأضاف أنهم يشكِّلون خطرًا على المتنزهين في جبال وتلال واد قانا الواسع من خلال اقتحامه من حين لآخر وهم مسلحون.