قائمة الموقع

أهلا بشهر شعبان

2021-03-20T10:30:00+02:00
د. زياد مقداد رئيس لجنة الإفتاء في الجامعة الإسلامية (أرشيف)

يفرح المسلمون برؤية هلال شعبان ويستبشرون، وحق لهم أن يفرحوا ويستبشروا، يستبشرون بقرب حلول أعظم الشهور وسيدها شهر رمضان المبارك إذ لا يتبقى إلا أيام معدودات لقدوم شهر الخيرات، يستعدون فيه لأداء ركن عظيم من أركان الإسلام ألا وهو ركن الصيام، يستعدون فيه لتوثيق عرى صلتهم بالله عز وجل بالإقبال على مُختلف أنواع الطاعات والإقلاع عن كل أشكال الخطايا والسيئات.

إنه الشهر الذي اقترن اسمه وذكره بشهر رمضان فهما أخوان بل توأمان. إذا ما انضاف لذلك أنه الشهر الذي ترفع فيه الأعمال إلى الله (تعالى) كما ورد عن سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وكأنه الشهر الذي يتمم فيه كشف حساب الأعمال لعام كامل، ليرفع إلى الله (عز وجل) ولتبدأ بعده صفحة جديدة من صفحات أعمالنا لعام جديد يتجدد معه الأمل في واسع رحمات الله (عز وجل)، كما يتجدد الأمل بتوثيق الصلة بالله والتمسك بأوامره والابتعاد عن نواهيه.

ولذلك فلا غرابة أن تجعل الشريعة لهذا الشهر من الميزات والفضائل والاختصاصات ما ليس في غيره من الشهور.

 فقد كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ينبه المسلمين للأعمال الصالحة فيه ويقول: "ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبَ، وَشَهْرِ رَمَضَانَ..."، وكان (عليه أفضل الصلاة والسلام) يخصه من بين سائر الشهور بالإكثار من الصيام.

 ولذلك اعتبر أكثر العلماء أن الصيام في شهر شعبان هو أفضل الصيام بعد رمضان وذلك لمواظبته (صلى الله عليه وسلم) على صيام أكثر أيامه. كما يقاس على الصيام سائر الطاعات والقربات.

ومن هنا فإنه ينبغي لنا معاشر المسلمين أن نترجم فرحنا بشعبان بالإقبال الفعلي على الطاعات في هذا الشهر المبارك، بكل أنواعها وصورها؛ فنواظب على صلواتنا ونصوم ما تيسر لنا من أيام هذا الشهر، نصل الأرحام، نتصدق، نقرأ القرآن، نقلع عن الذنوب ونستغفر الله (تعالى) ونتوب إليه، حتى إذا هل هلال رمضان كانت الطاعة معتادة لنا سهلة علينا وصارت الخطايا بغيضة عندنا والإقلاع عنها صفة لنا. وما أجمل قول الشاعر:

مَـضَـى رَجَبٌ وَمَا أَحْسَنْتَ فِيهِ * وَهَـذَا شَـهْرُ شَـعْـبَانَ المُبَارَكْ

فَـيَـا مَـنْ ضَيَّعَ الأَوْقَاتَ جَهْلَاً * بِحُرْمَتِهَا أَفِقْ وَاحْـذَرْ بَـوَارَكْ

فَسَوْفَ تُـفَـارِقُ اللَّذَّاتِ قَسْرَاً * وَيُخْلِي المَوْتُ كُرْهَاً مِنْكَ دَارَكْ

تَدَارَكْ مَا اسْتَطَعْتَ مِنَ الخَطَايَا * بِتَوْبَةِ مُخْلِصٍ وَاجْعَـلْ مَـدَارَكْ

عَلَى طَلَبِ السَّلَامَةِ مِنْ جَحِيمٍ * فَخَيْرُ ذَوِي الجَرَائِمِ مَنْ تَدَارَكْ

اللهم بارك لنا في شعبان وبلغنا رمضان.

اخبار ذات صلة