فلسطين أون لاين

في يومكِ يا أمي

...
بقلم الأسير أسامة الأشقر

في يومكِ يا أمي يمر علينا يوم الأم ونحن ننتظر الاحتفاء بأمهاتنا، ففي كل عام نتابع على شاشات التلفزة ونستمع للبرامج الإذاعية لبر الأبناء لأمهاتهم، ونحن نشعر بداخلنا بشعور لا نستطيع تفسيره أو ترجمته، فمشاعرنا متداخلة مختلطة لا نعرف كيف نصفها.

فالواقع يقول إننا بعيدون، وإنني لا أستطيع رؤيتكِ أو تقبيل يديكِ أو حتى الجلوس في حضنكِ وعند قدميكِ. وفي الوقت ذاته الذي أشعر بكِ بداخلي ويداكِ الطاهرتان تمسحان شعري وتحتضنني أشعر بكلماتك الآن تصرخين علي: أسامة لا تلعب، أسامة ادرس، أسامة لا تذهب للعب كرة القدم... هذه كلماتكِ لي في الصغر، وحينما كبرت واشتد عودي وأصبحتُ مطارداً للاحتلال وفي يوم الاجتياح الكبير كانت يداكِ تمسكان بي وتهزني وأنتِ تبكين وتقولين لي: لماذا أنتَ هنا؟ ولماذا تحمل هذا السلاح وعيناكِ تفيض دمعاً من خوفكِ على ابنك؟

أمي صوتُكِ يتردد في أذني وأشعر بكِ وبوجودكِ معي، رغماً عن القيود وصانعها، ورغماً عن السجان وحقده، أمي سأحتفل الآن وحدي بيومك الغالي، وأعدك أنه سيأتي اليوم الذي نحتفل فيه سوياً، وسأضمك بين ذراعي وأقبل قدميك. نعم، فهذه الظلمة لن تدوم يا أمي الحبيبة، وستنتهي قريباً، وسنكون سوياً مع من نحب.

في يومكِ الذي تفتقدين فيه لأعز الأبناء إيهاب وأسامة أقول لكِ إنكِ أعظم شيء وجد في هذا الكون، وإنكِ الشمعة التي تنير لأسامة ظلام سجنه. في يومكِ يا أمي الحبيبة لم تسعفني كلماتي للحديث عنكِ وعن حبي لكِ ولكل شيء فيك، غضبك قبل رضاك، ومحبتك قبل كرهك، فأنا لم أتمكن من معرفة أمي في أيام شبابي القصيرة؛ لأن الفرقة قد طالت ونحن ما زلنا ننتظر ذلك اليوم الذي نجتمع فيه مع أمهاتنا.

في يومكِ يا أمي لا أريدك أن تشعري ببعدي عنكِ، فأنا معكِ في كل لحظة ومع كل خفقة قلب ومع كل نفس تتنفسين، أنا جزء منكِ وأنفاسك تجري في عروقي، أنا ابنك الذي لا يحبك فقط، بل يحب لأجلك أمهات العالم أجمع، فلا شيء في الدنيا يعادل حب الأم لابنها، ولا شيء في هذه الدنيا يسعد الأم سوى ابنها، ولا شيء يستطيع إدخال الفرحة لقلب الأم سوى سعادة فلذة كبدها. أمي أنتِ حبي الباقي حتى الممات، وأنتِ شوقي الأكيد لكل ما هو جميل في هذا الكون.

ابنك المشتاق أسامة.