قائمة الموقع

"مريم الكُرْد".. حكاية 60 سنة من الكفاح أمام "سنتر التموين"

2021-03-18T17:05:00+02:00
مريم الكرد خلف بسطتها برفح (تصوير/ ربيع أبو نقيرة)

"قصتي طويلة"، بهذه الكلمات بدأت المُسنة مريم إبراهيم الكُرْد (78 عامًا) حديثها لمراسل صحيفة "فلسطين"، بعد تنهيدة وسكوت قصير، ثم بدأت في سرد تفاصيل حكايتها.

ومريم تبيع موادَّ تموينية أمام سنتر التموين برفح (مركز توزيع المساعدات التابع لوكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين) منذ نحو 60 سنة.

واعتاد الزبائن رؤيتها جالسة خلف بسطتها الصغيرة منذ عشرات السنين، وعلى الرغم من أن أسعار المعروضات معروفة للجميع، فإنهم يفاصلونها فيها، ليفتحوا بابًا للحديث معها والاطمئنان على صحتها.

وهي اليوم ليست كالأمس، فحالتها الصحية تراجعت وحركتها قُيِّدت، بعد سنوات طويلة من الكفاح، لكنها ما زالت متمسكة بالعمل الذي أعانها على مصاعب الحياة، وحيَّدها عن سؤال الآخرين إلى حدِّ الكفاف.

تقول المُسنة مريم: "كنت فتاة يافعة عندما تزوجت، وكان زوجي يبلغ من العمر 47 عامًا، تزوجني بعد زواجه من خمس نساء ولم يُرزق منهن بالأطفال"، مشيرة إلى أنها رزقت وزوجها بأربع بنات توفاهن الله وهُن رضيعات، وخمسة أولاد توفي أحدهم بالفشل الكلوي عن عمر ناهز 33 عامًا.

وتابعت: "قبل 40 سنة توفي زوجي وأصبحت أرملة، ومنذ ذلك الحين تكفلت وحدي بتربية الأيتام"، موضحة أن أحفادها اليوم يبلغون نحو 33 حفيدًا.

وأضافت الكرد: "زوجي كان يعمل في شراء وبيع المواد التموينية، وكنت أساعده إلى أن أصبح يعاني أزمةً صدرية وأصيب بمرض السكر، وبعد وفاته أكملت طريقه لأعيل أطفالي".

وأكملت: "كنت أشتري علب لحمة وصلصة وسردين وأكياس طحين وعدس وفول وسكر وحليب وأبيعها، وكانت المرابح بسيطة، أغورة (0.1 من الشيقل) أو أغورتين أو ثلاث أغورات، وكانت الناس أيضًا أوضاعهم صعبة قبل خمسين سنة".

وأشارت الكرد إلى أن "المرابح كانت على قدر الطعام والشراب، والبركة على الله، واليوم المرابح على قدر العلاج".

ولفتت إلى أن المواد التموينية المتاحة اليوم على بسطتها الصغيرة هي مكونات الكابونات التي توزعها أونروا على اللاجئين، كالسكر والزيت والطحين والعدس والحمص والرز والحليب وعلب السردين.

ونبهت إلى أن بعض الزبائن يتعاملون معها بالديون، قائلة: "أنا لا أسجل الديون، وكلي ثقة بزبائني".

والكرد تستعين بكرسي متحرك وعكاز منذ 15 عامًا، تتحرك بهما من المنزل في مخيم يبنا إلى بسطتها والعكس بالعكس، ويساعدها في ذلك أحفادها، كما أنها تعاني أمراضًا عدة أبرزها الغضروف والسكر والنقرس والتهابات في الصدر، وفق حديثها.

وأوضحت أنها تتلقى العلاج في عيادة الوكالة، في حين تشتري الأدوية التي تحتاج إليها ولا تجدها في الصيدليات، قائلة: "عندما أتعب كثيرًا في إثر الأزمة الصدرية، أُحقَن بإبرتين في اليوم، وبالكاد أستطيع توفير ثمنهما".

وتابعت الكرد: "أصلي لله وأدعوه أن يرزقني ويشفيني ويخفف آلامي، وأن يصلح حال أمة محمد صلى الله عليه وسلم".

وأضافت: "هذا العمل لا يفتح بيتًا ولا يطعم عائلة، وهو ليس للشباب، ... هذا العمل لكبار السن مثلنا، نتسلى فيه في آخر أعمارنا"، مشيرة إلى أنها لا تحب طلب شيء من أحد حتى لو كانوا أولادها، وهم -أولادها- "يرعونني حق الرعاية وأنا أعيش معهم".







 

اخبار ذات صلة