ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي أمس الجمعة، في بلدة عابود شمالي غرب رام الله (شمال القدس المحتلة)، جريمة متكاملة الأطراف واعتداءً صارخًا، عقب منعها إسعاف الطفل عبد الرحمن البرغوثي (18 شهرًا)، بعد أن استهدفت منزل عائلته بقنابل الغاز.
ويقبع الطفل البرغوثي اليوم في مستشفى "هداسا عين كارم"، بحالة خطيرة جدًا بعد توقف الأوكسجين عن جسمه وأبلغ الأطباء والده أن أمامهم يومين فقط لتتضح صورة الوضع الصحي للطفل.
ونقلت عائلة الطفل الضحية، عن مصادر طبية، قولها إن عبد الرحمن قد يفارق الحياة في أي لحظة نتيجة لتوقف قلبه، معللة ذلك بدخول كميات كبيرة من الغاز المسيل للدموع لجهازه التنفسي، ما أدى لتوقف القلب عدة مرات وتليف في الرئتين، وفقر حاد في الدم.
وأفاد شهود عيان لـ "قدس برس"، بأن قوات الاحتلال كانت قد استهدفت منزل عائلة الطفل عبد الرحمن، أمس الجمعة، خلال مواجهات اندلعت في "عابود"، لافتين إلى أن الاحتلال منع الطواقم الطبية من تقديم الإسعاف للطفل.
بدوره، أكد محمود البرغوثي (والد الطفل عبد الرحمن)، أن قنبلة غاز أطلقتها قوات الاحتلال أمس الجمعة لداخل منزله أدت لتحوله إلى غيمة من الغازات التي أوقعت حالات اختناق بين جميع أفراد العائلة".
وقال في حديث لـ "قدس برس"، إنه بذل جهودًا أمس لمنع وصول قنابل الغاز لمنزله؛ قبل أن يفشل في منع وصوله لنجله عبد الرحمن الذي يعاني من مشاكل صحية، فاقم استنشاق الغاز لوضعه الصحي.
وأوضح أن جهوده في استقدام الإسعاف للمنزل "فشلت" أمام منع جنود الاحتلال لوصول مركبات الإسعاف لبيته ونقل الإصابات، مؤكدًا أن قوات الاحتلال كانت تعلم بوجود حالة اختناق صعبة.
وبيّن: "حملت طفلي عبد الرحمن وقطعت مسافة طويلة؛ رغم محاولة جنود الاحتلال منعي من المغادرة، حتى وصلت لمدخل عابود حيث تتواجد طواقم الإسعاف".
ووصف حالة طفله عبد الرحمن حينها بـ "الصعبة"، مشددًا أنها "تردت أكثر لأنه قطع مسافات طويلة وسط أجواء ملبدة بالغاز المسيل للدموع".
ونقلت طواقم "الهلال الأحمر الفلسطيني" الطفل البرغوثي، بعد أن قامت بـ "إنعاش" قلبه ورئتيه، لقسم العناية المُكثفة في المستشفى الاستشاري برام الله، قبل أن يتم تحويله لمستشفى "هداسا عين كارم" بالقدس المحتلة لخطورة حالته الصحية.
ويرى مختصون أن قنابل الغاز التي يُجيز القانون الدولي استخدامها تختلف كليًا عن القنابل الإسرائيلية، التي تُعتبر أشد وأقسى وأكثر ضررًا وتنتشر وتتمدد بسرعة، وتنتج عند إطلاقها كميات كبيرة من الغاز المتعدد الصفات والوظائف.
وتبين من تحقيق نشره أطباء في سلاح الطب التابع لجيش الاحتلال قبل سنوات عن تأثير الغاز المسيل للدموع من نوع CS، بأن الحقنة المميتة الخارجية المقدرة للإنسان أكبر بـ 800-5.600 ضعف الحقنة التي تفرق متظاهرين بنجاعة.
وأشار التحقيق الذي لم يُؤخذ بتوصياته، إلى أنه رغم الاستغلال المتكرر للغاز في تفريق المظاهرات، وبتركيز عال يوجد احتمال بإحداث ضرر أشد.
ويعمد جيش الاحتلال لاستخدام قنابل الغاز خلال المواجهات أو اقتحامه للبلدات والقرى الفلسطينية دون مراعاة لوجود أطفال أو مرضى، وهو ما أدى في كثير من المرات إلى ارتقاء شهداء اختناقًا أو يخلف أزمات تنفسية وقلبية.