كرمت الهيئة العامة للشباب والثقافة، بالتعاون مع وزارة شؤون المرأة ورابطة الكتاب والأدباء الفلسطينيين، الشاعرة الراحلة فدوى طوقان، التي تلقب بسنديانة فلسطين، وذلك ضمن مشروع "عاش هنا" الذي تنظمه الهيئة، واحتفالًا باليوم العالمي للمرأة.
وحضر حفل التكريم الذي أقيم في القصر الثقافي بمدينة غزة، رئيس الهيئة أحمد محيسن، ووكيل مساعد وزارة شؤون المرأة أميرة هارون، ورئيس الرابطة د. عبد الخالق العف، ووزير الثقافة السابق د. عطا الله أبو السبح، ووكيل وزارة الثقافة السابق د. أنور البرعاوي، ولفيف من الشعراء والأدباء والمثقفين.
وفي كلمة له قال محيسن: "نحتفي بمناسبة يوم المرأة العالمي برائدة من رائدات فلسطين، حيث شقت طريقها على الرغم من الصعوبات، وعدم تمكنها من إكمال دراستها، إلا أنها لم تستسلم، وبجهد ذاتي طورت من نفسها وواصلت مسيرتها التي تكللت بالإبداع والتميز".
وأضاف: "المرأة الفلسطينية قدمت نموذجًا راقيًا في الفن والشعر والأدب والفكر ومختلف أشكال الإبداع، وقدمت نموذجًا في التضحية والعطاء ومقاومة الاحتلال فكانت بحق نموذجًا حقيقيًا للمرأة المثالية المتكاملة".
وتابع محيسن: "مشروع عاش هنا الذي تنفذه الهيئة يهدف إلى تكريم المبدعين الراحلين من أبناء الشعب الفلسطيني، تقديرًا لإسهاماتهم المؤثرة في العمل الوطني ودورهم الريادي في النهوض بالثقافة الفلسطينية ونشرها ونقلها إلى العالم"، لافتًا إلى أنه سيتم من خلال المشروع تكريم (20) شخصية ثقافية، من شعراء وأدباء وفنانين ومؤرخين من قطاع غزة.
من جهتها قالت هارون: "أن تكون المرأة شاعرة يعني الكثير، يعني أن تتحول كل تلك المشاعر والأحاسيس التي تملكها إلى قصائد وأشعار تنبض بالحياة"، مشيرة إلى أن سيرة الشاعرة فدوى طوقان تؤكد الترابط الشديد بين الرجل والمرأة في فلسطين نحو هدف واحد للحفاظ على الهوية الوطنية الفلسطينية والدفاع عن القضايا الوطنية وتوعية الجماهير وتنويرهم.
من جانبه قال العف: "تُعد فدوى طوقان رمزًا من رموز الأدب الفلسطيني المعاصر، لما قدمته على الصعيد الأدبي والثقافي والوطني، حيث تركت خلفها ميراثًا شعريًا وأدبيًا رائعًا"، لافتًا إلى أنه كان لها ريادة مشتركة مع الشاعرة العراقية نازك الملائكة في شعر التفعيلة.
بدوره أكد أبو السبح أن فدوى طوقان كان لها إلى جانب الشعراء الفلسطينيين الأوائل في العصر الحديث دور كبير في توعية الجماهير الفلسطينية بمخاطر المشروع الصهيوني في أرض فلسطين، وحثهم على الانتفاض والمقاومة ورفض الظلم والاستبداد، وتجريم بيع وتسريب الأراضي من بعض الخونة.
وتخللت الحفل فقرات شعرية حول المرأة الفلسطينية ونضالها ضد الاحتلال قدمتها الشاعرة كفاح الغصين، والشاعرة سمية وادي، والشاعرة نفين درويش، والشاعرة عبير أبو عمرة.
يذكر أن فدوى طوقان، ولدت في مدينة نابلس عام 1917، وتلقت تعليمها حتى المرحلة الابتدائية، حيث اعتبرت عائلتها مشاركة المرأة في الحياة العامة أمرًا غير مقبول، وتركت مقاعد الدراسة واستمرت في تثقيف نفسها بنفسها، ثم درست على يد أخيها شاعر فلسطين إبراهيم طوقان، الذي نمى مواهبها ووجهها نحو كتابة الشعر، كما شجعها على نشره في العديد من الصحف العربية، وسمّاها "أم تمّام"، ثم سمّاها الشاعر محمود درويش لاحقاً "أم الشعر الفلسطيني".
وتوالت النكبات في حياة فدوى طوقان بعدما توفي والدها ثم أخوها ومعلمها إبراهيم، وأعقب ذلك احتلال فلسطين سنة 1948، وقد تركت تلك المآسي المتلاحقة أثرها الواضح في نفسية فدوى طوقان كما يتبين من شعرها في ديوانها الأول "وحدي مع الأيام"، ودفعتها هذه الظروف الصعبة للمشاركة في الحياة السياسية في الخمسينيات من القرن الماضي.
في بداية الستينيات سافرت إلى لندن، وعاشت هناك سنتين، وقد فتح لها ذلك آفاقًا معرفية وإنسانية واسعة وسهل لها الاطلاع على الثقافة الغربية، وبعد هزيمة يونيو 1967، بدأت تفاعلها في الحياة العامة في نابلس، فبدأت بحضور اللقاءات التي كان يعقدها الشعراء الفلسطينيون من أمثال محمود درويش وسميح القاسم وتوفيق زياد وسالم جبران وإميل حبيبي وغيرهم.
تنوّع نتاج فدوى طوقان الأدبي بين الشعر والنثر، فقد أصدرت في 50 عاماً ثمانية دواوين شعرية هي: ديوان وحدي مع الأيام، وديوان الرحلة المنسية، وديوان وجدتها، ديوان أعطني حبًا، وديوان أمام الباب المغلق، وديوان الليل والفرسان، وديوان على قمة الدنيا وحيد، وديوان تموز والشيء الآخر، وديوان اللحن الأخير.
توفيت الشاعرة في 12 ديسمبر 2003 عن عمر ناهز 86 عامًا قضتها مناضلة بكلماتها وأشعارها في سبيل حرية فلسطين.
وفي نهاية الحفل أزيح الستار عن لوحة تحت شعار "عاش هنا" ونُقش عليها اسم الشاعرة الراحلة فدوى طوقان وتاريخا ميلادها ورحيلها، ووُزع ديوان الأعمال الكاملة للشاعرة فدوى طوقان الذي يضم كل القصائد التي كتبتها طوال مسيرتها الأدبية.