لا يتوقف الاحتلال الإسرائيلي عن استهداف الشخصيات المقدسية المدافعة عن القدس والمسجد الأقصى، في محاولة لإحكام القبضة على المدينة المحتلة التي يسابق الزمن لتهويدها، وكتم أي صوت يمكن أنْ ينقل الانتهاكات الإسرائيلية فيها للعالم الخارجي، كما يقول مختصون.

وذكر مركز معلومات وادي حلوة، في تقرير أصدره، أمس، أن سلطات الاحتلال أصدرت 29 قرار إبعاد عن المسجد الأقصى ومدينة القدس، في شباط/ فبراير الماضي، كان آخرها بحق المرابطة خديجة خويص عن الأقصى، لمدة 6 أشهر.

وأكد رئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس وخطيب المسجد الأقصى، الشيخ عكرمة صبري، أن أي استهداف الاحتلال لرموز القدس يصب في دائرة التهويد التام للمدينة والهيمنة والسيطرة الكاملة على الأقصى.

وأضاف صبري في تصريح صحفي، أمس، أن الاحتلال يتخذ عدة طرق عدوانية ضد المقدسيين ومقدساتهم تتمثل في الاعتقال، والإبعاد، وهدم البيوت، والحرمان من الوصول للأقصى.

ووصف تمديد العزل الانفرادي للشيخ رائد صلاح، و"الاعتقال الإداري" لوزير القدس السابق خالد أبو عرفة، وإبعاد المرابطة خديجة خويص، بالإجراءات التعسفية الظالمة التي تهدف لقمع شعبنا وعدم رفع صوته ضد الاحتلال.

ودعا رئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس، المقدسيين كافة لضرورة الاستمرار بالرباط في القدس، والتمسك بحقوقهم الشرعية، ورفع صوتهم عاليًا ليسمعهم العالم.

مهادنة مع الاحتلال

وأكد خالد زبارقة محامي الشيخ رائد صلاح، أن الاحتلال يتعمد استهداف الشخصيات البارزة والمؤثرة في الشارع الفلسطيني ظنًّا منه أن ذلك يمكن أن يؤدي إلى تغيير وعي الشارع الفلسطيني خاصة المقدسي من متنبه ومقاوم ومتحدٍّ لسياسات الاحتلال لمهادن لسياساته.

وأوضح زبارقة في حديث لـ"فلسطين" أن معيار استهداف الاحتلال للشخصيات المقدسية يعتمد على مدى تأثيرها في المجتمع، "كلما زاد حجم تأثير الشخص في المجتمع زاد خطره بالنسبة للاحتلال في إطار سعيه لتهويد الأرض والمقدسات وتغيير هوية المكان".

ولفت إلى أن القاضي الإسرائيلي ذكر في حيثيات الاتهام في محاكمة الشيخ رائد صلاح أول من أمس شعاره الذي أطلقه منذ عام 1996م "الأقصى في خطر"، فعدَّ أن هذا الشعار تسبب في مقاومة سياسات الاحتلال خصوصًا في القدس والأقصى".

وأشار إلى أن الاحتلال يجهز نفسه لاعتداء كبير على الأقصى، قائلًا: "بدأنا نرى مؤشرات هذا الاعتداء في كثير من الأماكن بالقدس فهو يفرغ الساحة من القيادات المؤثرة التي يمكن أن تدفع الناس نحو تحدي ورفض سياسات الاحتلال".

وأضاف: "الاحتلال يريد تنفيذ إرادته بالقدس على أرض الواقع خاصة بعد اتفاقيات التطبيع العربية مع (إسرائيل)، ولم تبقَ أمامه سوى تلك الرموز المقدسية كحجر عثرة أمام سيطرته على الجغرافيا والمكان والبشر والقدس والأقصى".

وشدد زبارقة على "أننا الآن" بعد السيطرة الكاملة على الأرض، في مرحلة العمل على طرد الفلسطينيين من أراضيهم وبيوتهم وتغيير معالم المدينة وإحلال سكان يهود مكانهم لتغيير الطابع العام بالقدس، من إسلامية ليهودية كمرحلة أولى في حلم الاحتلال بهدم الأقصى وبناء الهيكل".

"تكميم الأفواه"

المختص بشئون القدس، جمال عمرو، تعرض لاستهداف الاحتلال بسبب اهتماماته بشئون القدس والأقصى، يقول: إن "الاحتلال اعتاد مداهمة منزلي مرة كل أربعة شهور، وهو في كل مرة ينكل بأفراد عائلتي ويعتقلهم ولا يفرق بين رجل وامرأة، وهذا الحال مع كل الشخصيات المهتمة بشئون القدس".

وشدد عمرو في حديث لـ"فلسطين"، على أن الاحتلال ينتهك القانون الدولي ويحاول بمختلف الأساليب الرادعة منع الشخصيات المقدسية من الدفاع عن الأقصى، مشيرًا إلى أنه يشعر بغضب شديد نتيجة التغطية الإعلامية التي تساهم في فضح سياساته.

وتابع: "غرض الاحتلال من استهداف الشخصيات المقدسية "تكميم الأفواه"، ومنع نقل الصورة بالقدس للرأي العام المحلي والدولي، إذ يعد المقابلات الصحفية "نصوصًا تحريضية واضحة المعالم تمس أمن (إسرائيل)".

وبين أن استهداف الشخصيات يأتي في سلسلة متكاملة مع كل أشكال الترويع في المدينة المقدسة من هدم للمنازل وطرد المقدسيين وسحب هويات، بما يشكل لوحة من أبشع لوحات "التطهير العرقي" في التاريخ.

ولفت عمرو إلى أن التطبيع العربي منح فرصة ذهبية للاحتلال باستهداف الرموز المقدسية بهدف إخافة المقدسيين، "لكنها سياسة فاشلة سبق أن جربوها في محطات تاريخية عدة بالشعب الفلسطيني كالإبعاد إلى مرج الزهور فجاءت بنتيجة عكسية".