فلسطين أون لاين

تقرير "الاعتقال السياسي".. السلطة تستتر بالملف الأمني وعشرات القضايا بـ"أروقة المحاكم"

...
صورة أرشيفية
الخليل- غزة/ يحيى اليعقوبي:

"معاناتي مع جلسات المحاكمة رعبٌ آخر أعيشه منذ عامين ونصف العام، ففي كل شهرٍ توجد جلسة محاكمة فيها عناصر من اللجنة الأمنية لجهاز الأمن الوقائي وغيره، حتى أن الشاهد –الذي لا أعرفه– وشهد لمصلحتي اتُّهم بشهادة الزور".. بهذه الكلمات استهلت سهى جبارة حديثها عن تبعات الاعتقال السياسي الذي عاشته في سجون أمن السلطة لأكثر من 67 يومًا متواصلة.

وجبارة واحدة من بين عشرات المعتقلين السياسيين وآخرين أُفرج عنهم من سجون السلطة بالضفة الغربية المحتلة، في حين لا تزال ملفاتهم عالقة أمام المحاكم.

ومن بين هؤلاء 13 محررًا اعتقلهم أمن السلطة عام 2007، تحت بند "المخالفة السياسية والخروج على الشرعية"، وبلغ عدد جلسات محاكمتهم حاليًا (110) جلسات.

وترفض جبارة في حديثها لصحيفة "فلسطين" استمرار هذه السياسة، وتقول: "صحيح المعاناة في أثناء الاعتقال كبيرة، ولكن بعدها تكون أكبر، فلا تستطيع التعامل مع المجتمع ومع أولادك، ولا أخفي أنني إلى الآن أذهب لأخصائي نفسي للتعافي من أثر التعذيب النفسي"، مطالبةً بإنهاء ملفها داخل أروقة المحاكم الفلسطينية.

وخلف قضبان سجون السلطة لا يزال نحو 20 معتقلًا يقضون أحكامًا بالسجن منذ سنوات على خلفية نشاطهم المقاوم، من بينهم أمين القوقا من مدينة نابلس المعتقل منذ عام 2007 بتهمة تنفيذ عمليات استهدفت جنود الاحتلال والمستوطنين، وتعرض في هذه السنوات للتعذيب والتحقيق القاسي في سجن جنيد.

أحد أفراد عائلته طلب عدم الكشف عن هويته يلخص لصحيفة "فلسطين" رحلة القوقا بين قضبان سجون أمن السلطة قائلا: "أمين تعرض خلال سنوات اعتقاله الأولى لتعذيب قاسٍ في سجن الجنيد الذي يقبع فيه منذ 14 عامًا ولا نجد من يتحدث بقضيته".

"وبغيابه تأثر أبناؤه كثيرًا، فقد اعتقل والدهم وهم أطفال صغار، ولم يكن هناك أي وسيلة تواصل سوى زيارة لنصف ساعة يحضرها أفراد من أمن السلطة".. يدخل القوقا في قلب معاناة عائلة أمين، مؤكدًا أن مطلب العائلة الوحيد الإفراج عنه.

ومن بين المعتقلين أيضًا عبد الفتاح شريم من مدينة قلقيلية، المعتقل منذ أحد عشر عاماً بتهمة إيواء مقاتلين من كتاب القسام، وكذلك علاء أبو ذياب الذي يقضي حكمًا بالسجن عشرين عامًا، وباجس حامدية، وعلاء الدين زيود، ومجدي محامين من جنين، وأحمد شبراوي ومعاذ حامد، ومحمد حامد من رام الله المعتقلين منذ عام 2015، بتهمة الانتماء لخلية تابعة للقسام، ومحيي الدين عودة، ومحمد شرايعة وربيع قرارية من جنين، المعتقلين منذ عام 2016.

عفو عام

ويقول عضو لجنة الحريات خليل عساف: إن اللجنة طالبت ببحث ملف هؤلاء المعتقلين مع وفود الفصائل في القاهرة، لصدور أحكام قضائية بحقهم، ويقضون سنوات سجن طويلة، ما يصعب تدخل لجنة الحريات في الأمر.

وشدد عساف في حديثه لصحيفة "فلسطين" على أن المطلوب بحث وفود الفصائل في الأمر لإصدار عفو عام من رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.

وأشار إلى أهمية تعريف الاعتقال السياسي وتحديده بأنه "لكل شخص قام بعمل من أجل تنظيمه، وعليه إسقاط هذا المفهوم عن المعتقلين في سجون السلطة حتى اللحظة".

وأضاف عساف أن السلطة الفلسطينية تعد كل شخص صدر بحقه حكم ليس معتقلًا سياسيًّا وهذه المشكلة، وهم مقتنعون بذلك، ما يحتاج إلى نقاش خاص عالي المستوى بتشكيل لجنة قانونية خاصة.

قضايا بالمحاكم

لكن القيادي في حركة حماس وصفي قبها لا يحدد ماهية الاعتقال السياسي لأبناء حماس وغيرها من التنظيمات بوجود 20 معتقلًا فقط خضعوا للمحاكمة، مبينًا أن هذا الملف يتضمن عشرات المعتقلين السياسيين الذين أفرجت عنهم السلطة وما زالت قضاياهم منظورة وعالقة أمام المحاكم.

ويقول قبها لصحيفة "فلسطين": "لدينا عشرات الملفات لأشخاص ما زالوا يمثلون أمام محاكم السلطة منذ سنوات، والأصل أن يتم إنهاء ملف الاعتقال السياسي في أروقة المحاكم بالضفة الغربية، فالجلسات تستمر لسنوات عدة ويمثلون أمام المحكمة، وبعضهم من النساء".

وشدد على أن سبب الاعتقال يتعلق بمطاردة الاحتلال بعضَ قادة القسام بالضفة كمحمد السمان، الذي قتلته السلطة واشتبكت مع مقاومين معه (اعتُقلوا لاحقا)، مؤكدًا أنهم معتقلون سياسيون وليسوا أمنيين.

ويعتقد قبها أن أي قضية اعتقال سابقة يجب اعتبارها اعتقالًا سياسيًّا ما دام سبب الاعتقال نشاطًا تنظيميًا، كما فعلت وزارة الداخلية بغزة بالإفراج عن المعتقلين الأمنيين، على الرغم من ارتكابهم جرائم.