عدّ مسؤولون مقدسيون، شمول برنامج زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للأراضي الفلسطينية المحتلة، زيارة حائط البراق (الجدار الغربي) للمسجد الأقصى المبارك "تجاوزًا خطيرًا لكافة الخطوط الحمراء"، وتساوقًا مع رواية الاحتلال التي تنقضها الاتفاقيات الدولية المنضوية تحتها واشنطن، والتي تؤكد أن "البراق" جزء لا يتجزأ من المسجد الأقصى وهو خالص للمسلمين.
وقال المسؤولون لصحيفة "فلسطين" إن مخطط الزيارة تعبير عن موقف سياسي مؤيد لادعاء الاحتلال بأحقيته الدينية في الأقصى".
خطورة الزيارة
أكد عضو الهيئة الإسلامية العليا بالقدس جميل حمامي، أن الزيارة لا تغير الحقائق الجغرافية والتاريخية، بأحقية المسلمين في الأقصى، وكافة ملحقاته الدينية بما في ذلك حائط البراق.
وبين أن تخطيط ترامب لزيارة الحائط تفصح عن سياسته ومواقفه ورؤيته الداعمة لدولة الاحتلال والمناهضة للقضية الفلسطينية.
ولفت حمامي، إلى أن الاحتلال حتى اللحظة "غير راضٍ" عن الموقف الأمريكي، خاصة تجاه القضية الفلسطينية، ويطالب الولايات المتحدة بتوضيح موقفها.
ورأى أن خطورة الزيارة تكمن في تكريس واقع مرفوض فلسطينيا وعربيا وإسلاميا، وفيه استرضاء لـ(إسرائيل) على حساب القضية والشعب الفلسطينيين، دون أي موقف تجاه اعتداءات "قطعان المستوطنين" اليومية والواضحة على قدسية المسجد الأقصى، بدعم وحماية من قوات جيش وشرطة الاحتلال.
بدوره عدّ الباحث في شؤون القدس ناصر الهدمي، مخطط الزيارة يحمل دلالات رمزية تقر بأحقية الاحتلال الإسرائيلي بحائط البراق "على الرغم من أنه سيزوره وحيداً".
وكانت طواقم الإعداد لزيارة ترامب إلى حائط البراق في القدس المحتلة، أبلغت المسؤولين الإسرائيليين رفضهم مرافقة رئيس وزراء الاحتلال للرئيس الأمريكي خلال زيارته للحائط.
وسارع نتنياهو بالإعلان عن أن ذلك يخالف موقف ترامب بحسب تعبيره، وهو أن الحائط تحت السيادة الإسرائيلية، حيث تعدّ (إسرائيل) القدس بأكملها عاصمتها المزعومة غير القابلة للتقسيم وهو زعم غير معترف به دوليا.
ومن وجهة نظر الهدمي، فإن ترامب يريد طمأنة المسؤولين الإسرائيليين بأنه "لا زال على العهد"، رغم تأجيل فكرة نقل السفارة الأمريكية إلى القدس.
وقال: "نية الزيارة تكشف أن الدعم غير المشروط للاحتلال متواصل"، بدلالة عدم طلب ترامب حتى اللحظة تجميد بناء المستوطنات في أراضي الضفة الغربية المحتلة.
تداعيات سلبية
ووضع "البراق" على جدول ترامب يبين العلاقة الإستراتيجية بين الاحتلال والإدارة الأمريكية التي ترى أن ثمة تراجعا في مستوى العلاقات والتنسيق خلال ولاية الرئيس الأمريكي السابق.
وتبعث إدارة ترامب رسائل متباينة في تعاملاتها مع الحكومة اليمينية الإسرائيلية التي كانت تأمل في نهج من الرئيس الجمهوري أكثر تعاطفا معها من سلفه الديمقراطي باراك أوباما الذي توترت علاقته بها.
ونبه الهدمي، إلى أن ترامب مليء بالتصريحات غير المتوقعة منه، التي من شأنها ترك آثار سلبية على مستقبل القدس المحتلة وواقع المستوطنات على أراضي 67 التي تحتلها (إسرائيل).
وأبدى استغرابه مما وصفها بـ"حالة الانبطاح" التي تعيشها السلطة الفلسطينية، بتفاؤلها من الموقف الأمريكي.
وحذر الهدمي من أن تكون القمة المرتقبة بين ترامب ورؤساء دول عربية وإسلامية "مقدمة لترسيخ التعاون العربي الأمريكي ضد الإسلام".
ويوافق الباحث في شؤون القدس جمال عمرو، الهدمي الرأي، مؤكدا أن زيارة ترامب للقدس "مساس خطير وانتهاك لكرامة كل مسلم"، مشيرا إلى أن غير المسلمين شهدوا بأن هذا الحائط جزء لا يتجزأ من المسجد الأقصى وخالص للمسلمين دون غيرهم.
وأوضح عمرو أن ترامب ينتمي إلى الطائفة النورانية التي هي امتداد للحركة الماسونية العالمية منذ عام 1774م، وأسهم في تمويل بناء مستوطنة "بيت إيل" المقامة قرب مدينة رام الله.
ويرسل ترامب، وفقا للباحث، رسالة من شقين: الأول عقائدي ديني غير معلن بالانتماء لتلك الحركة، بالإضافة إلى أنه يعلن عن موقف سياسي بأن حائط البراق يقع تحت سيادة الاحتلال، مخالفا بذلك اتفاقيات رعتها وأيدتها بلاده ككامب ديفيد، ومبادرة السلام العربية عام 2002، والتي نصت على أن منطقة البراق جزء من الأراضي المحتلة عام 67.