قائمة الموقع

الغزِّي "أبو سيدو".. "سر" تمسكه بعداد كهرباء من "الأربعينيات"

2021-02-25T09:10:00+02:00

محل قديم يعود إلى الستينيات، مكدسة به المذاييع القديمة وبعض الجديد منها، علق المسن محمود أبو سيدو على حائطه الأيمن بجوار الباب الزجاجي عداد كهرباء ورثه عن أبيه وعمه، وانتقلت وراثته إليه حتى اليوم.

أبو سيدو من حي الزيتون شرقي مدينة غزة ولد بالمنشية في يافا، وهاجر مع والده وأمه وجديه إلى غزة، يمتلك عدادًا للكهرباء يقول إنه يعود لأربعينيات القرن الماضي، تعاقبت عليه حكومات ورؤساء لبلدية غزة وشركة الكهرباء أيضًا، وما يزال يعمل، وفق إفادته.

المحل الذي يمتلكه أبو سيدو (79 عامًا) يقع بالقرب من مسجد الشمعة، كان قديمًا كما يروي مكانًا لرجال الإطفاء، ثم استأجره والده وحوله إلى مقهى وبقي العداد، وفي عام 1964م افتتح محلًّا لتصليح المذاييع والأسطوانات القديمة، وتركه مغلقًا منذ ثلاثة أعوام بعد أن أصبح يعاني مشاكل في النظر.

كان يهوى صيانة المذاييع والأسطوانات فتعلم الحرفة ومارسها، مواكبًا التطور في معرفة كيفية تصليح الأجهزة الحديثة حتى أصبح ملمًّا بصيانة كل أنواع الأجهزة في جميع العصور، ومع هذا التطور لا يزال محتفظًا بالعداد ويرفض التفريط فيه وتبديل آخر حديث به.

عداد الكهرباء عليه ختم رئيس بلدية غزة آنذاك رشاد الشوا، ويؤكد أبو سيدو أنه لم يتوقف عن العمل يومًا ولم يصلحه في حياته.

يقول الرجل السبعيني لصحيفة "فلسطين": "منذ 15 عامًا، أي بعد 50 عامًا من افتتاحي المحل، جاء عمال من شركة الكهرباء يريدون إزالة العداد من المحل وتبديل آخر جديد به، فرفضت رفضًا قطعيًّا، وسألتهم: هل فيه مشاكل أو سرقة للكهرباء؟ فنفوا ذلك، لذا تركوه ووضعته داخل صندوق حديدي، ومن أجل قراءة العداد وضعوا في منتصفه قطعة بلاستيكية شفافة".

ويضيف: "في بيتي غيرت ثلاثة عدادات حديثة للكهرباء، بخلاف القديم الذي ما يزال يعمل بكامل طاقته".

وحاليًّا لم يعد أبو سيدو قادرًا على تصليح المذاييع، ولكن يعزُّ عليه أن يترك المحل أو يوقف خط الكهرباء الذي لا يزال يدفع فاتورته، لأنه يعد كل حجر في المكان ذا قيمة لديه.

رغم تقدمه في السن لا يزال يقود دراجته النارية ليتفقد المحل دائمًا، ثم يزور جيرانه وأصدقاءه في الحارة القديمة، يتفقدهم ويستذكرون معًا الأيام الخوالي التي يحنون إليها، ومن هؤلاء الأصدقاء أحد جيرانه الذي يستأمنه على نسخة من مفاتيح محله، ويطلب منه تفقده بين الفينة والأخرى.

وعن سر احتفاظه حتى اليوم بعداد الكهرباء مع أنه لم يعد يعمل في محله، يبين أن العداد أصبح من التراث والتاريخ الفلسطينيَّين.

حتى إن أبو سيدو أوصى أولاده بعدم التفريط في المحل والعداد أيضًا، والاحتفاظ بهما وتوريثهما لأبنائهم وأحفادهم، فكل ما هو فلسطيني وقديم لا يقدر بثمن، بل يبقى عنوانًا لتثبيت الفلسطيني على أرضه، مهما تقادم الزمن، وغزت الحداثة العالم.


 

اخبار ذات صلة