قف المزارع فؤاد اشتية فيما تبقى من أرضه في واد عبد الرحمن، ويشير بيده لجرائم التجريف الكبيرة التي تجريها آليات الاحتلال الإسرائيلي على مدار الساعة لبناء شقق ومبانٍ تتبع جامعة ومستوطنة "أريئيل" شمال سلفيت بالضفة الغربية المحتلة.
يقول اشتية لصحيفة "فلسطين": "انظر، حتى لم يخطرونا نحن أصحاب الأراضي بعمليات التجريف، فمنذ أربعة أشهر لم يسمح الاحتلال لنا بدخول أراضينا بذريعة أنها تقع خلف جدار الفصل العنصري، وبمحاذاة مستوطنة أريئيل، أرضنا التي كانت تنتج الحبوب صيفًا، والفقوس والسمسم، الآن بتنا بحاجة إلى تصاريح لدخولها أو إذن الاحتلال، ولأيام قليلة طوال العام".
حال المزارع اشتية حال بقية مزارعي سلفيت وقراها، فضلًا عن أنهم لم يسلموا من المستوطنين، حيث بُنيت مقبرة فوق أراضيهم لدفن موتى المستوطنين، لتصادر الأراضي ما بين المستوطنة والمقبرة، قطعة قطعة، ودون ضجيج إعلامي أو حتى حقوقي.
ولا يُخفي المزارع جمال العودة مخاوفه من سرقة ما تبقى من أرضه في واد عبد الرحمن، لكون المستوطنين يستخدمون طرقًا وأساليب التفافية ماكرة لسلب الأراضي، بذرائع مثل أنها "أراضي دولة" أو "أميرية" أو "متروكة"، مع أنها مزروعة بالزيتون واللوزيات وغيرهما.
وعن مواعيد دخول البوابات، يوضح المزارع شاكر زبيدي أن الارتباط الفلسطيني أخبرهم أن الدخول عند الساعة السابعة صباحا لخمسة أيام فقط، "لكن لا نعرف متى يفتحون البوابات، فالأمر يتم على مزاج جنود الاحتلال، فهم عادة لا يلتزمون المواعيد التي لا تكفي أصلًا.
ويقول المزارع علي النمرة إن المستوطنين يسرقون أرضه خلف الجدار دون ضجيج، ومن يحتج لا يجد من يسانده، وتحولت الأراضي الزراعية التي كانوا يعتاشون منها إلى مصانع ومقابر وشقق استيطانية ومختبرات ومبانٍ لجامعة مستوطنة "أريئيل".
ولفت إلى أن الاحتلال سمح للمزارعين الأحد الماضي، بالدخول إلى أراضيهم خلف الجدار العنصري لساعات فقط، في حين "كنا في السابق ندخل ونخرج ونعتني بالأرض وقتما شئنا دون موانع أو منغصات، ولكن الآن الوقت الممنوح لنا لا يكفي للعناية بالأرض، وهذه وصفة كاملة من أجل سرقتها والاستيلاء عليها دون ضجيج".
وعن أرضه، يتحدث المزارع أحمد عبد الله من سلفيت بقوله: "سلبت مني مستوطنة أريئيل أكثر من 60 دونما في منطقة واد عبد الرحمن والمنطقة المحيطة به، ولا أدري ما يفعل بها الاحتلال من عمليات تجريف كل عام، حيث يمنعني من دخولها إلا في أيام قليلة خلال العام".
ووصف ما يجري بأنه "يدمي القلب"، موضحا أن "الجرافات نراها من سلفيت ومن داخل منازلنا وهي تجرف أراضينا ونتحسر، ولا نقدر على فعل شيء، فهي خلف الجدار وهناك أبراج عسكرية وحرس ودوريات ومراقبة على مدار الساعة".
وعن الأيام الجميلة في فلاحة أرضه يردف: "كنا مع زقزقة العصافير صباحا نمضي نحو حقول الزيتون أو الحبوب والمراعي الخصبة، ونستمتع بصوت العصافير العذب، وكانت أيامنا أفضل وأجمل وكلها سعادة، إلى أن جاء الاحتلال وقلب الوضع رأسا على عقب، وحول فرحتنا وسعادتنا إلى شقاء وإذلال وتفتيش على البوابات، وأحيانا اعتقال من يشتبه به خاصة من الشباب، فضلًا عن فحص الهويات وغيره من أساليب الإذلال".
وبحسب مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة الغربية غسان دغلس، فإن منطقة واد عبد الرحمن ورأس قرة شمال سلفيت، يستغلها المستوطنون لكونها خلف الجدار العنصري، ولا يعلم المزارعون ما حل بأرضهم إلا عند السماح لهم بدخولها وتحت رقابة وتفتيش دوريات وحرس المستوطنة، الذين يتعمدون إهانة وإذلال المزارعين خلال الدخول والخروج.