يشهدُ اللهُ أنكَ عندي لا تهون، وأنَّه آلمني أن كلماتي آلمتكَ، وإن لم أكُنْ قاصدًا، هكذا أنا أتأذى من ألمٍ أُسببه لكَ أكثر من ألمٍ تُسببه لي، وأني في كلِّ نزالاتي معكَ لم أكن أبحثُ عن نصرٍ، يتساوى عندي معكَ النصرُ والهزيمة، إلى هذه الدرجة كنتَ دومًا أنا!
تعرفُ جيدًا كم أوجعتني، وإن لم تكُنْ قاصدًا، أو مسلوب الإرادة لا تملك من أمرك شيئًا، ولكن لا تنسَ أنه لا يُقارن الفعل بردة الفعل!
ورغم هذا آتيكَ لأُطيّبَ خاطركَ، فإنَّ كسر عظمةٍ في جسدي أقل ألمًا في قلبي من كسر خاطرك!
أرأيتَ من قبل شخصًا نهشه السرطان يعود من أصابته نزلة برد؟!
يحدث أن يُفضفض المرءُ يا صاحبي.
وما على الذبيح من سبيل، إن انتفضَ وأصابكَ شيءٌ من دمه!
وما على الذي اشتعلَ البركان في قلبه من مؤاخذة، إن نفث ما إن كتمه فسيحرقه، وعلامَ يغضبُ من أوقد البركان إن أصابه شرر؟!
الزجاج -يا صاحبي- لا يُصبح جارحًا إلا إذا انكسر!
يا صاحبي، لم أمدَّ يدي إليكَ يومًا من شفقة، ولا أعطيتك كتفي لتتكئ عن صدقة.
كنتُ دومًا آتيكَ من تلقاء قلبي، تمامًا كما أكتب إليك الآن من تلقاء قلبي، أتحاملُ على نفسي، وأتناسى كل الذي أنا فيه، كي لا تنام أنتَ حزينًا!
يا صاحبي، يحدث أن تجتمع على المرء الأشياء دفعةً واحدة: لا حبيبه له، ولا صديقه يُؤتمن، ولا عدوه يغفل عنه، فيجد نفسه وحيدًا عليه أن يواجه هذا العالم وهو يبحث عن باب الخروج من هذا الكوكب ولا يجد!
والسلام لقلبك.