قد تتذكر أنك تناولت صنفا من الطعام على الإفطار ولكنك تنسى لون الوعاء، أو تذكر مشاهدة شقيقك وهو يضع الحليب بعيدًا ولكن لا يمكنك تذكر على أي رف.
فقد نجحت دراسة جديدة, قام بها باحثون من جامعة "نورث ويسترن" الأمريكية في تحسين ذاكرة الأحداث المعقدة والواقعية المشابهة لتلك الأحداث من خلال تطبيق التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة (TMS) على شبكة الدماغ المسؤولة عن الذاكرة.
ثم طلب المؤلفون من المشاركين مشاهدة مقاطع فيديو للأنشطة الواقعية لقياس كيفية عمل الذاكرة أثناء المهام اليومية, بحسب تقرير عن الدراسة نشر في موقع "ساينس دايلي نيوز".
و أثبتت النتائج أنه من الممكن قياس أنواع الذاكرة الواقعية ومعالجتها.
وقالت ميليسا هيبشر زميلة ما بعد الدكتوراه في كلية الطب بجامعة نورث وسترن الباحثة والمؤلفة الرئيسية للدراسة التي نشرت في 4 فبراير في مجلة "Current Biology" : "يجب أن نتذكر على أساس يومي الأحداث المعقدة التي تنطوي على العديد من العناصر، مثل المواقع والأشخاص والأشياء المختلفة".
وأضافت: "لقد تمكنا من إظهار إمكانية تحسين الذاكرة للأحداث المعقدة والواقعية بطريقة آمنة وغير جراحية باستخدام تحفيز الدماغ."
و أجريت الدراسة على شباب بالغين أصحاء في بيئة معملية خاضعة للرقابة.
وأضافت هيبشر إن نفس الأسلوب يمكن استخدامه أيضاً لتحسين الذاكرة لدى الأفراد الذين يعانون من اضطرابات الذاكرة بسبب تلف الدماغ أو الاضطرابات العصبية.
دمج الفيديو
استخدم مؤلفو الدراسة تقنية (TMS) بهدف تغيير نشاط الدماغ والذاكرة للأحداث الواقعية، ومباشرة بعد التحفيز، أجرى الأشخاص مهمة التذكر أثناء فحص أدمغتهم باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI).
وعبر تقنية علمية معينة لتصوير الدماغ لمقارنة أنماط نشاط الدماغ عندما كان الأشخاص يشاهدون مقطعا مصورا مع نشاط الدماغ عندما كان الأشخاص يتذكرون نفس المقطع.
وقاس العلماء تأثير التنبيه من خلال مقارنة الذاكرة ونشاط الدماغ بعد تحفيز شبكة الذاكرة بنفس المقاييس بعد تحفيز منطقة دماغية لا تنتمي إلى شبكة الذاكرة.
وأثناء اختبار الذاكرة، شاهد الأشخاص مجموعة كبيرة من مقاطع الفيديو وتذكروها لاحقًا وأجابوا عن أسئلة صواب / خطأ حول محتوى مقاطع الفيديو.
ووجد الباحثون أن تنشيط شبكة الذاكرة أدى إلى تحسين عدد الأسئلة التي أجاب المشاركون فيها بشكل صحيح، كما أدى إلى زيادة استعادة مقاطع الفيديو في مناطق الدماغ المرتبطة بالمعالجة البصرية.
و بدلاً من عرض صور أو قوائم كلمات للمشاركين في الدراسة -وهي ممارسات نموذجية في الاختبارات المعملية التي تحلل الذاكرة - شاهد المشاركون في هذه الدراسة مقاطع فيديو للأنشطة اليومية مثل قيام شخص ما بطي الغسيل أو إخراج القمامة.
في هذا الصدد قالت هيبشر: "استخدمت دراستنا مقاطع فيديو تكرر عن كثب كيفية عمل الذاكرة على أساس يومي".
وأوضحت أنه "بعد التحفيز، أجاب المشاركون في الدراسة بشكل أكثر دقة على الأسئلة المتعلقة بمحتوى مقاطع الفيديو، مثل تحديد لون القميص الذي كان يرتديه الممثل، أو وجود شجرة في الخلفية."
علاوة عى ذلك، وجدت الدراسة أن تحفيز الدماغ أدى إلى استعادة أعلى جودة للذكريات في الدماغ.
في هذا الصدد، قالت هيبشر إن إعادة الحالة إلى وضعها الطبيعي هي عندما يعيد الدماغ أو يستعيد حدثًا أصليًا، وبعد التحفيز ، يكون نشاط دماغ الشخص أثناء مشاهدة مقطع فيديو أقرب إلى نشاط دماغه عند تذكر نفس الفيديو.
وتابعت هيبشر بالقول إن "هذا هو السبب في أن التذكر قد يشبه أحيانًا "سفر عقلي عبر الزمن، وتظهر النتائج التي توصلنا إليها أن التحفيز يعزز السفر الذهني عبر الزمن في الدماغ ويحسن دقة الذاكرة".
ويرى الباحثون أن هذه النتائج "سيكون لها آثار على تطوير طرق آمنة وفعالة لتحسين الذاكرة في العالم الحقيقي."