على الرغم من التقاء وفود الفصائل في العاصمة المصرية القاهرة، على مدار اليومين الماضيين للتباحث في ملفات مختلفة وأبرزها الانتخابات المرتقبة، وما صاحب ذلك من آمال وتطلعات بإمكان تجاوز الملفات العالقة، إلا أن الاستدعاءات والاعتقالات الأمنية في الضفة الغربية، أوجدت مخاوف وهواجس كبيرة نتيجة استمرارها، حسبما يقول متحدثان، أحدهما حقوقي والآخر قيادي.
وأكد المتحدثان في حديثيْن منفصليْن لـ"فلسطين"، أن الاعتقالات والاستدعاءات وخاصة لفئة طلبة الجامعات، تثبت بما لا يدع مجالًا للشك، استمرار الاستهداف بناءً على خلفية سياسية، وتوقعا أن تزيد الاعتقالات في المرحلة المقبلة.
وقال المحامي في مؤسسة "محامون من أجل العدالة" مهند كراجة، إن أجهزة أمن السلطة تواصل استدعاء واعتقال النشطاء سياسيًّا، وخاصة في مدينة نابلس، ويطال الاستهداف النشطاء نقابيًّا على صعيد الجامعات، وخاصة جامعة النجاح.
وأضاف: "لا يوجد خطوط حمراء في عمليات الاعتقال السياسي، وربما تتجه الأمور إلى مزيد من الاعتقالات"، مشيرًا إلى أنها طالت أشخاص دون 18 عامًا، ويتم التحقيق معهم على أنشطة سياسية ونقابية".
وتساءل كراجة عن مساحة الحرية التي ستتاح لأبناء حركة حماس لممارسة الدور السياسي والنقابي وقت عقد الانتخابات الفلسطينية، المقرر إجراؤها على ثلاث مراحل، قائلًا: ما دامت الاعتقالات السياسية بهذا الشكل، فهل سيكون هناك مساحة حقيقية أن يتحرك المنتمي لحركة حماس، ويمارس دوره السياسي؟
وذكر أن الاعتقالات الأخيرة طالت أشخاصًا شاركوا في استقبال أسرى محررين، وآخرين نقلوا استقبالهم في بث مباشر على صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، "فهل سيسمح لهؤلاء القيام بدعاية انتخابية مستقبلًا وما الضمان؟".
وفي موضوع الاعتقال السياسي الذي يطال نشطاء وكوادر من حركة حماس، قال كراجة إنه لا يوجد فصل بين حركة فتح وأجهزة أمن السلطة التي يتولى قيادات فتحاوية أعلى المناصب فيها، مشيرًا إلى أن تعنت أمن السلطة في ملف المعتقلين السياسيين، يتطلب وقفة حقيقية للحد من هذه السياسة.
وذكر أن المعتقلين عند اعتقالهم والإفراج عنهم، يتعرضون وعائلاتهم للتهديد من قِبل أجهزة أمن السلطة، لإجبارهم على عدم توكيل محامين من مؤسسة "محامون من أجل العدالة"، لأنها ستفضح الانتهاكات التي يتعرض لها المواطنون.
وشدد على أن الاعتقالات والاستدعاءات، تلقي بظلال سلبية على ملف الانتخابات وحوارات الفصائل في القاهرة، مضيفًا: "ملف الاعتقال السياسي يجب ألا يمر مرور الكرام في حوارات القاهرة"، مشيرًا إلى أن أبناء ومؤيدي حركة الجهاد الإسلامي و"اليسار"، ممكن أن يتعرضوا للاعتقال كما يتعرض له أبناء حماس، حال قيامهم بنشاطات سياسية في مرحلة الانتخابات.
ورأى أن استمرار الاعتقال السياسي سيفشل العملية الانتخابية، لكن حل هذا الملف وإنهاءه يساعد في نجاحها.
ومنتصف يناير/ كانون الثاني الماضي، أصدر رئيس السلطة مرسومًا انتخابيًّا حدد فيه موعد إجراء الانتخابات التشريعية في 22 مايو/ أيار 2021، والرئاسية نهاية يوليو/ تموز، والمجلس الوطني نهاية أغسطس/ آب، من العام ذاته.
بدوره قال وزير الأسرى السابق القيادي في حركة حماس وصفي قبها، إن "ما يجري من اعتقالات واستدعاءات هي في الحقيقة إجراءات تعسفية، إذ يستدعى طلبة جامعيون، وخاصة من جامعة النجاح في نابلس"، مشيرًا إلى تمديد اعتقال أشخاص معتقلين في سجون السلطة.
ورأى قبها، أن ذلك "يعكس عدم التناغم بين أجهزة أمن السلطة مع ما يجري من حوارات في القاهرة".
وأشار إلى أن جهازي الوقائي والمخابرات العامة، التابعين للسلطة، يواصلان الاعتقالات والاستدعاءات، "وكأنهما يوجهان رسائل لمؤيدي حماس والطلبة الجامعيين، بأنه لن ينجوا أحد منكم".
وعدَّ أن ما يجري "يحمل رسائل خصومة، ورسائل تعسفية وإصرار على التمادي في التنسيق الأمني والاعتقالات، ويعكس الاستهداف المتعمد للحركة الإسلامية في مدن الضفة الغربية".
وطالب وفود الفصائل بضرورة التوقف عند ملف الاعتقالات السياسية والعمل على إصدار قرار بوقفه، وضمان حرية الرأي والتعبير، وممارسة الأنشطة المسموح بها وفق القانون الأساسي.
السلطة صعّدت اعتقالاتها
كما اتهمت لجنة أهالي المعتقلين السياسيين أجهزة السلطة، الليلة قبل الماضية، بشن حملة اعتقال واستدعاء لنشطاء ومواطنين في الضفة الغربية، على خلفية سياسية.
وقالت اللجنة في بيان، أمس، إن أجهزة السلطة اعتقلت المحرر أحمد درويش من مدينة نابلس شمالًا بعد استدعائه للمقابلة أول أمس.
وأشارت إلى أنها استدعت مجموعة أسرى محررين ومعتقلين سياسيين سابقين، عرف منهم: "مالك اشتية، عوني الشخشير، براء ريحان، محمود عصيدة" في نابلس.
كما رفضت محكمة في نابلس–وفق اللجنة- طلب الإفراج عن الطالبين في جامعة النجاح حسام اشتية، وإبراهيم عابد، مشيرة إلى أنهما معتقلان منذ 10 أيام لدى جهاز المخابرات.
وأكدت أن "عمليات الاعتقال التي تنفذها أجهزة السلطة بحق الطلاب والمواطنين بالضفة الغربية تتم بصورة غير قانونية، من حيث إجراءات الاعتقال والتهم وإجراءات التوقيف، وحتى إجراءات الإفراج، فضلا عن عملية التحقيق التي تحفل بأساليب التعذيب الجسدي والنفسي والتهديد".
وقالت اللجنة إن هذه الحملة تأتي بظل انطلاق حوارات القاهرة بين الفصائل الفلسطينية للوصول إلى تفاهمات حول الانتخابات العامة.