تواجه قرية "بتير" جنوب غربي مدينة القدس المحتلة، محاولات إسرائيلية للسيطرة على عليها والاستيلاء على آثارها التاريخية.
و"بتير" تحمل اسمًا كنعاني الأصل يعني "بيت الطير"، نسبة إلى طائر النسر الذي كان يعشعش في كهوفها وجبالها العالية المرتفعة، ولذلك سمي واديها "وادي النسور".
وتحتضن القرية الكثير من الآثار الرومانية، كبرك الماء والأقواس والقلاع والقنوات والمدرجات الحجرية، فكانت في العهد الروماني تشكل قلعة حصينة عرفت باسم "بث ثير"، وفق رئيس بلديتها تيسير قطوشة.
وقال قطوشة لصحيفة "فلسطين": إن قريته تتعرض منذ 2018 لمحاولات إسرائيلية مستمرة ولتغول قطعان المستوطنين بهدف سلب أراضيها لصالح التوسع الاستيطاني، وربط المستوطنات في بعضها بعضًا.
وذكر أن آخر هذه المحاولات تمت قبل أيام عبر نصب المستوطنين بيتًا متنقلًا "كرفان" في أراضي القرية.
وأشار قطوشة إلى أن قريته بحاجة إلى اهتمام ودعم دولي ومحلي لإبراز دورها الحضاري والتراثي والتاريخي، فهي مستودع للماضي العريق بتراثه وتاريخه الذي يحاول الاحتلال جاهدًا طمسه.
وأكد أن المحاولات الاستيطانية تمثل انقلابًا على قرار منظمة "يونسكو" الصادر في يونيو 2014، والقاضي بإدراج القرية في قائمة التراث العالمي.
ولفت قطوشة إلى أن القرية بجمالها وبساتينها ومدرجاتها الطبيعية الخضراء، "تأسر القلوب وتحتضن أبناء شعبنا الذين يحضرون للتنزه في ربوعها"، في حين يهتم سكانها بزراعة وفلاحة أرضهم في محاولة لعدم إفراغها من الزراعة لمنع سلطات الاحتلال من الاستيلاء عليها ومصادرتها.
ورأى أن قرية "بتير" تقع ضمن المنطقة الخاضعة لسلطات الاحتلال الإسرائيلي؛ ما يجعلها معرضة للاستيطان والمصادرة من قبل المستوطنين ومحاولة التغول عليها بزعم أنها "أملاك دولة".
وأشار إلى وجود عدد من القضايا والمحاكم التي رفعتها هيئة مقاومة الجدار ضد المستوطنين لمنع مصادرة أراضي البلدة.
وذكر قطوشة أن سلطات الاحتلال صادرت 870 دونمًا من أراضي القرية بعد النكبة الفلسطينية، بسبب توفر المياه فيها وتربتها الخصبة، مؤكدًا أن سكانها مصممون على الحفاظ على تراثها الزراعي وإحياء بساتينهم في مواجهة محاولات الاحتلال تهجيرهم منها.
تهجير السكان
وأكد منسق الحملة الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان جمال جمعة، أن القرية تواجه محاولات إسرائيلية مستمرة من أجل تهجير سكانها وربط المستوطنات المحيطة ببعضها بعضًا.
وقال جمعة لصحيفة "فلسطين": إن مستوطنين نصبوا "كرفانا" في موقع "الحنجلية" على أراضٍ مملوكة لعائلة عوينة بمنطقة الخمار شمال قرية بتير.
ولفت إلى أن هذه المرة الرابعة التي تُنصب فيها بيوت متنقلة في المنطقة نفسها البالغة مساحتها نحو 150 دونما، في محاولة للاستيلاء عليها وتهجير سكانها وإقامة بؤرة استيطانية جديدة في المكان.
ونبه إلى أن تغول المستوطنين زاد على القرية وتمثل مؤخرًا في إقامة بعض البيوت المتنقلة على أراضي السكان، خاصة بعد محاولات الاحتلال بناء الجدار العازل وتصدي الأهالي له.
ونبه جمعة إلى أن الاحتلال يضع البؤر الاستيطانية في مناطق حيوية كالأراضي الزراعية والتجمعات البدوية تمهيدًا للاستيلاء عليها.
وحث الناشط ضد الاستيطان السلطة إلى رفع قضايا دولية ضد الاستيطان والمستوطنين، وحث "يونسكو" لممارسة دورها في الضغط على سلطات الاحتلال ومحاسبتها لعدم التزامها قرار وضع القرية على لائحة التراث العالمي.
ودعا إلى الوقوف بجانب سكان قرية بتير، ودعم صمودهم والمشاركة في الدفاع عن أرضهم على مختلف الأصعدة القانونية والشعبية.
لائحة التراث
يذكر أن القرية تبعد عن مدينة بيت لحم نحو خمسة كيلومترات، وهي إحدى قراها الغربية المحاذية للمناطق المحتلة عام 1948م.
وتبلغ مساحة العمرانية للقرية نحو 420 دونمًا، وتحيط بأراضيها أراضي قرى الولجة وبيت جالا وحوسان والخضر، والقبو، ويبلغ عدد سكانها نحو خمسة آلاف نسمة، وفق رئيس بلديتها.
وتمر في أراضيها سكة حديد يافا – القدس التاريخية التي بناها العثمانيون عام 1905م، التي لا تزال تعمل، لكن لصالح سلطات الاحتلال.
وأدرجت قرية بتير عام 2014 في ذات المدرجات المائية الأثرية على لائحة التراث العالمي في اجتماع "يونسكو" في دورته الثامنة والثلاثين التي انعقدت في العاصمة القطرية.

