صورة يظهر فيها حلاق يلبس كمامة وقفازين، ويمسك "موسى" يحلق به لطفل في أحد شوارع مدينة غزة، وحوله مجموعة أخرى تنتظر أن يأتي دورها، استثمر أوقات الحجر بسبب جائحة كورونا وإغلاق صالونات الحلاقة ليحلق لأطفال عائلته والحي الذي يسكن فيه، وفقًا لقواعد التباعد الاجتماعي.
هذه الصورة فازت بها المصورة سمر أبو العوف من مدينة غزة في المركز الثالث، في مسابقة "لحظات" ناشيونال جيوغرافيك أبو ظبي عن عام 2020م.
سمر مصورة حرة بدأت مشوارها مع التصوير الصحفي قبل 10 أعوام بعد إيمانها بالشغف الذي بداخلها تجاه التصوير، رغم دراستها المحاسبة التي تركتها ولحقت حبها للتصوير والتحقت بدورات للتعرف إلى أساسياته بجانب التدريب والثقيف الذاتي.
بهذه الجائزة الثالثة ختمت أبو العوف عام 2020م الحافل بالجوائز إذ حصلت على جائزتين محليتين بالمركز الأول: مسابقة اللجنة الدولية للصليب الأحمر "الأمل في جائحة كورونا" لتصويرها ولادة سيدة بعملية قيصرية في أحد المستشفيات الحكومية، حيث رصدت معاناة الأطباء والممرضين في الجائحة، وجائزة مركز الإعلام المجتمعي التي كانت تهتم بحقوق المرأة بتصويرها معاناة مريضات سرطان الثدي في مستشفى الشهيد عبد العزيز الرنتيسي للأورام.
تقول سمر لصحيفة "فلسطين": "قدمت للمسابقة في تشرين الأول (أكتوبر) وشاركت بـ10 صور، تأهلت ثلاثة منها للتصفيات النهائية، حصدت صورة الحلاق المركز الثالث، وصورة أخرى المركز السابع، وكنت المصورة الوحيدة التي تفوز صورها بمركزين في المسابقة من بين آلاف الصور من 23 دولة بالعالم".
وتضيف: "تأهلي للتصفيات النهائية كان بمنزلة فوز عندي؛ فقد شاركت قبل ذلك ولم يقدر لي الفوز، ولأنني استطعت أن أنافس آلاف المصورين بالعام، وكانت السعادة الأكبر حينما حققت صوري مراتب أولى في المسابقة، لأنه إنجاز دولي لي، استطعت به تصدير اسم فلسطين إلى الواجهة، وتمثيلها بصورة تحكي عن معاناتها".
وجائزة ناشونال جيوغرافيك أبو ظبي هي الجائزة الـ(17) في المسيرة الصحفية لسمر.
وترى أن الفوز بهذه الجائزة الدولية يضيف لها الكثير على الصعيد المعنوي أنها استطاعت أن تجعل لها اسمًا شابة بين آلاف المصورين، وبها تعيد قضايا فلسطين المجتمعية للواجهة، أما ماليًّا فتعينها على شراء معدات وأدوات تطور بها عملها الصحفي.
ووفقًا لحديث سمر، إن أكثر ما يستهويها تصوير حياة الناس والشارع، واقتناص القصص الصحفية فيما يخص قضاياهم، لا سيما النساء، والموازنة بين إظهار الأمل والمعاناة أيضًا في قصصها المصورة.
وتلفت إلى أنها من أجل أن تقنص صورة صحفية وراءها قصة ذات مغذى، تعايش أبطالها مدة تصل إلى ستة أشهر، وتعيش تفاصيل يومهم وأنشطتهم.
تذكر سمر قصة كفاح عاشتها بطلة إحدى صورها الفائزة بالمركز الأول، قائلة: "حينما أردت المشاركة في مسابقة الصليب الأحمر، أردت تصوير قصة لم يتطرق إليها أحد قبلي، فآثرت معايشة ممرضي وأطباء الولادة في أحد مستشفيات خان يونس، قابلت ممرضة أرملة ولها أربع بنات تسكن في منطقة خزاعة، كانت تخاطر بحياتها لمنح الأمل للنساء الحوامل اللاتي يأتين والخوف يملأ قلوبهن على مواليدهن من إصابتهم بفيروس كورونا".
وتشير إلى أن الصورة في بعض الأحيان تكون بسيطة، ولكن يكون خلفها قصة قوية جدًّا، لذا كل صورة تقدم للمسابقة ترفق شرحًا بسيطًا عن قصة الصورة و"يجب أن يكون السر قويًّا".
هل تجد سمر عوائق تجاه عملها في التصوير الصحفي تحديدًا؟ تجيب: "في بداية مشواري ربما كنت أواجه مشاكل لكوني شابة، ولكن مع الوقت صرت أتخطاها، وحاليًّا لا يوجد أمام أي عائق في تصوير أي قصة بأي مكان وفي أي وقت، في منتصف ليلة رأس السنة الميلادية ذهبت إلى المستشفى لالتقاط صورة لولادة أول طفل في عام 2021م".
وتطمح سمر إلى الخروج من النطاق المحلي إلى التقاط القصص الصحفية في دول في أنحاء العالم، لاكتساب خبرات متنوعة لتضيف إلى مسيرتها الصحفية الكثير، مؤكدة أن الأهم مواصلة رصد حياة الناس ومعاناتهم بالطريقة الصحيحة.