آراء تستندُ إلى حجم شبهات فساد يملسها المواطنون في حياتهم اليومية في التعيينات، والواسطة والمحسوبية واختلاس الأموال العامة، وإساءة استعمال السلطة والرشوة وغسل الأموال، تكشف حجم الانطباع المجتمعي عن الفساد المتغلغل في أروقة السلطة في رام الله.
ويعتقد 67% من المواطنين في الضفة الغربية مقارنة بـ33% في قطاع غزة أن مستوى حجم الفساد في مؤسسات السلطة ما زال كبيرًا، في استطلاع للرأي العام نفذه الائتلاف من أجل النزاهة والشفافية "أمان" حول واقع الفساد ومكافحته في فلسطين لعام 2020م.
فساد متوارث
تنبع آراء المواطنين حول مؤشرات الفساد وفق الكاتب والمحلل السياسي عمر عساف، إلى ما يلمسونه، كل يوم آخرها "مجزرة القضاء" التي أعطت مؤشرًا على تركز السلطات بيد السلطة التنفيذية، في حين لا يلمسون أي مساعدات إغاثية، أو إعطاؤها لغير مستحقيها كما جرى في صرف مساعدة "صندوق وقفة عز".
ويقول عساف لـ"فلسطين": إن شبهات فساد كبيرة تحوم حول التعيينات المتعلقة بتوظيف أقارب المسؤولين من أعضاء اللجنة المركزية لفتح وغيرهم، لذا يدلي المواطنون بآراء تناسب حجم ما يلمسونه من شبهات فساد تستوطن في أروقة السلطة.
وأضاف أن "المواطنين يعدون الفساد من أهم التحديات الرئيسة في حياتهم اليومية، نظرًا لحجم تفشي الفساد من متنفذين يريدون خلق مجتمع فاسد، وينبغي العمل على مواجهته كي يستطيع المجتمع مقاومة الاحتلال، فهذا الفساد ينخر عظام المجتمع".
وتفق خلف مؤشرات استطلاعات الرأي، تبعًا لكلام عساف، دلالات عدة تشير إلى أن هناك فسادًا متوارثًا وأيديًا خفية، تريد أن تبقى هذا الفساد للحفاظ على مصالحها، وكي يبقى المجتمع ضعيفًا.
وأشار إلى أن الخطورة تنسحب لجوانب سياسية ووطنية تتعلق بإضعاف المجتمع والمقاومة والصمود، وبالتالي الابتعاد عن العمل الجمعي بأن يبحث الناس وينشغلون بمصالحهم، وتعميم مفاهيم خاطئة "كالغاية تبرر الوسيلة".
تعيينات وهمية
و قال المتحدث باسم "حراك ضد الفساد"، عامر حمدان: إن نتائج الاستطلاع استندت إلى مشاهدة المواطنين لآلية التوظيف، وحجم التوظيف في أقارب المسؤولين، وسيطرة الحزب الحاكم على المؤسسات، وعدم وجود رقابة حقيقية تسيطر على القضاء وهيئة مكافحة الفساد".
واستعرض حمدان في حديثه لـ"فلسطين"، عملية تعيين وكيل وزارة الصحة برام الله كنموذج للفساد في الضفة الغربية، مؤكدًا وجود خلل واضح في آلية تعيينه، والذي يفترض أن يتم من خلال لجنة ترشح أشخاصًا وفق معايير قانون الخدمة المدنية يعرض على المجلس الوزاري، الذي بدوره يعرضها على رئيس السلطة ثم يتم إصدار القرار.
ولفت إلى أن تعيين وكيل وزارة الصحة جرى بناء على القرابة الشخصية مع متنفذين لم يحددهم، فضلًا عن تجاهل أشخاص يستحقون المنصب بناء على الأقدمية والأولوية.
ولم يكُن موضوع التعيين هو الوحيد الذي تستوطن فيه شبهات الفساد، وفق حمدان، بل هناك مسابقات توظيف وهمية تُعلن ويتقدم متسابقون لها، لكن الاختيار يقع على أشخاص معينين، يقدر نسبتها بنحو 25% من عملية التعيين.
ولفت إلى أن انعكاس مؤشرات وجود فساد كبيرة على المجتمع تزيد من إحباط الخريجين في إمكانية الالتحاق في سلك القطاع العام والحصول على وظيفة بناءً على الشهادة، خاصة في ظل عملية اصلاحات ضعيفة جدًّا لمعالجة الفساد.