قائمة الموقع

"أبو شريف" والدراجة عِشرة عمر ممتدة منذ (70) عامًا

2021-02-02T11:40:00+02:00

يستيقظ أحمد أبو شريف باكرًا يركب دراجته الهوائية التي لا يزال يحتفظ بها منذ 40 عامًا، يضع في حقيبته كرة قدم ومعدات تصليح، يقصد كورنيش البحر في دير البلح وسط قطاع غزة المكان المفضل لديه لممارسة هوايته.

بعد نحو ساعة من سياقة الدراجة يستريح قليلًا فينزل أبو شريف (86 عامًا) عن دراجته، يسدد ركلات لكرته بعض الوقت على رمال الشاطئ أو في أرض خالية وحده، ثم يعود بدراجته إلى بيته حتى يتسنى له تناول طعام الفطور وطبقه المفضل فيه سمكة مشوية وصحن من سلطة الخضار.

بين الدراجة وأبو شريف عشرة عمر ممتدة منذ 70 عامًا، بدأها كأي طفل يحب أن يركب دراجة في قرية النبي روبين قبل أن تهجره منها العصابات الصهيونية، مع عائلته في النكبة سنة 1948 إلى دير البلح.

كان يرتدي ثوبه وحذاءيه الرياضيين ويضع قبعة على رأسه، آتيًا لتوه من مشواره الرياضي الصباحي الذي ينهيه عند الساعة 11 صباحًا يوميًّا، التقته صحيفة "فلسطين" لتجول معه في ذكريات تعود إلى عشرات الأعوام التي لم يتوقف فيها يومًا عن ركوب دراجته الهوائية، إذ يعد من أقدم الدراجين في فلسطين.

يقول أبو شريف: "بعد تهجيرنا في سن الـ12 طلبت من والدي أن يشتري لي دراجة بدلًا من التي بقيت في القرية، تشهد أزقة المخيم على مهاراتي، وكذلك شوارع دير البلح والقطاع من شماله إلى أقصى جنوبه".

ويتذكر أول سباق للدراجات الهوائية شارك فيه وهو في سن 18 عامًا، وحصد المركز الأول فيه، ومن بعدها انضم لفريق الدراجات الهوائية المحلي، وشارك في العديد من المسابقات الداخلية.

ويضيف أبو شريف: "في 1994م مع مجيء السلطة طلبت من مدير الإدارة والتنظيم في السلطة منحي دراجة هوائية لأن القديمة لم تعد مناسبة للسباقات، ورفض طلبي لكبر سني إذ كنت أبلغ حين ذاك 66 عامًا".

ويتابع: "بعد مدة الشخص نفسه طلب مني المشاركة في سباق للدراجات، وكنت أكبر دراج في الفريق، وبعدها طلب مني المشاركة في المسابقات الوطنية وغيرها، تفاجأ بنشاطي وحيويتي".

لم يترك أبو شريف سباقًا للدراجات الهوائية لم يشارك فيه حتى يومنا هذا، وما يزال يقطع 30 -40 كيلومترًا يوميًّا، تارة بدراجته، وأخرى مشيًا على قدميه، ورياضة الدراجات ليست الأولى بل كان لاعبًا لكرة القدم في نادي خدمات دير البلح، ولعب سباحة، ومارس رياضة الجري أيضًا.

أكسجين

وعن سر احتفاظه بدراجته مدة 40 عامًا يجيب: "ركوب الدراجة هو بمنزلة الأكسجين الذي أتنفسه، لا أستطيع العيش دونها، وهذه الدراجة لها ذكرى خاصة؛ فهي هدية من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين، وكان سعرها حينها ألف شيقل".

ويكشف أبو شريف سر محافظته على صحته وحيويته وهو على مشارف إتمام عقده التاسع إذ يبين أنه يمارس رياضة المشي بعد أن يتناول كأسًا من الحليب فيقطع مسافة 7 كيلومترات جريًا، ولا يتناول اللحوم الحمراء والبيضاء مطلقًا، فقط السمك والخضار في الأكل والشوربة والسلطة، ويتناول كأسًا من اللبن، ووجبة العشاء ملغاة من قاموسه، ويتناول العصير الطبيعي من البرتقال، والعنب.

مع بداية فبراير 2020م قبل أن تضرب جائحة كورونا قطاع غزة أجري سباق بغزة بدعم من منظمة الصحة العالمية، ذهب لتسجيل اسمه دراجًا، كان حينها 85 عامًا، رفض المشرف الأجنبي على المسابقة، ولكن المشرف الفلسطيني أصر على تسجيل اسمه.

يذكر أبو شريف أنه خاص غمار السباق الذي انطلق من ميناء غزة إلى رفح جنوبًا ذهابًا وإيابًا، بمشاركة 180 شخصًا، وحصد حينها المركز الأول، الأمر الذي اندهش منه الأجنبي.

ويعتز باستئناس الشباب الرياضيين برأيه ونصائحه فيما يتعلق بسباق الدراجات الهوائية، وزياراتهم المستمرة له التي يعدها تكريمًا.

وينصح أبو شريف كل شاب يمارس رياضة الدراجات ويطمح إلى الفوز بالمراكز الأولى دائمًا بألا يبدأ السباق باندفاع وسرعة، قائلًا: "قد بسرعة متوسطة، ولكن بتمعن".

وينبه إلى أهمية تفقد الدراجة قبل السباق بمدة، لتصليح أي عطل فيها يمكن أن يعيقه في السباق، لا يهم أي نوع من الدراجات تقود، الأهم أن يكون لديك خبرة كافية في قيادتها، وتقبل النصيحة من أي طرف كان، واستمر بالمشاركة في الأنشطة الرياضية.

الطموح لا يحده عمر، يطمح أبو شريف إلى يمثل فلسطين في رياضة الدراجات الهوائية، حتى لو بمشاركة رمزية.

اخبار ذات صلة