حكايته مع خشبة المسرح بدأت دون تخطيط، حينما رشح نفسه للمشاركة في إحدى المسرحيات التي أقيمت على هامش أحد المخيمات في صيف عام 1996م، ولم يكن تجاوز من عمره ثمانية أعوام، حيث فجرت طاقته التمثيلية الكامنة التي لم يكتشفها من قبل.
شغف غازي طالب (34 عامًا، من مدينة غزة) بالتمثيل لم يخفت، لم يترك فرصة للمشاركة في الأعمال المسرحية إلا كان له دور فيها، حتى اقتنص فرصة سنحت له في سن 17 عامًا لاكتساب مهارات من دورة أسس مسرحية التي التحق بها، ويعدها مرحلة انتقالية في بدايته الفنية.
كانت خشبة المسرح هي بوابة عبور الممثل غازي إلى الدراما التلفزيونية والسينمائية إذ شارك في العديد من الأعمال التي لاقت صدى واسعًا في الشارع المحلي والعربي، كفيلم عملية الوهم المتبدد، ومسلسل الروح، والفدائي في جزئه الثاني، والعنقود، وفيلم بيارة الموت.
عن أول عمل مسرحي متكامل يتحدث غازي لصحيفة "فلسطين": "مسرحية الفيل يا ملك الزمان التي كانت من مخرجات دورة أسس مسرحية التي حصلت عليها في سن صغيرة، تلاها مسرحية شموع مش راح تنطفي، ثم أبيض من حد السيف، وبدنا نعيش".
يعد غازي نفسه ممثلًا محظوظا جدًّا لأن بدايته الفنية كانت على خشبة المسرح، يقول: "كل ممثل مسرح يستطيع أن يمثل دراما، ولكن ليس كل ممثل دراما يستطيع أن يمثل على المسرح، لأن الوقوف على خشبته أصعب من الكاميرا، له رهبة كبيرة، بعض الممثلين نسوا النص حينما وقفوا على خشبة المسرح".
بدايته مع التمثيل مرت بمصاعب، أبرزها نظرة بعضٍ السلبية تجاه الممثل، بوصفه "مشخصاتي" للتقليل من قيمة موهبته الفنية.
تعود غازي على خشبة المسرح وهي تعودت عليه، ولكنه يؤكد أن الـ30 ثانية الأولى من وقوفه على المسرح لها رهبة كبيرة تتلاشى تدريجًا.
عام 2009م كان عام الانتقال من المسرح إلى الدراما، إذ كان أحد أبطال فيلم عملية الوهم المتبدد حيث جسد شخصية أحد المقاومين الذين شاركوا في العملية الفدائية التي أسر فيها الجندي في جيش الاحتلال جلعاد شاليط عام 2006م، وعادوا بسلام منها، كان عملًا فنيًّا يندرج تحت مسمى "ديكو دراما" لأنه يسرد وقائع حقيقية مع دراما، وعرض على أكثر من وسيلة إعلامية، منها قناة الجزيرة.
حس فكاهي
يتمتع غازي بحس فكاهي أوجد له مكانًا في بعض الأعمال المسرحية التي قام بها، ولديه ملكة تقليد الشخصيات إذ اشتهر بشخصية العم غافل الفلسطيني، التي اشتهر بها الفنان الأردني حسين طبيشات، واستخدمها في أحد المسلسلات الإذاعية.
ويميل أكثر إلى الأعمال الكوميدية التي يرى أنها بحاجة إلى تعزيز في قطاع غزة، إذ يأمل المشاركة في عمل كوميدي يفجر فيه طاقاته التمثيلية الأخرى، التي تقوم على الارتجال أكثر.
وكان للإذاعة نصيب من موهبة غازي، يبين أنه شارك في المسلسل الإذاعي يوميات العم جبور، وأسود وأبيض، ويسجل حاليًّا للعمل الإذاعي "حكواتي غزة" حيث يروي قصصًا ووطنية وتراثية قديمة تقدم للأطفال، ويطمح إلى تحويله لبرنامج تلفزيوني.
ويكشف عن أنه سيطل على الجمهور في غزة والعالم بمسلسلين في رمضان المقبل: بوابة السماء الجزء الثاني مع فضائية الأقصى، وميلاد فجر مع شركة "نيو سين".
ومن أحب الأعمال إلى قلب غازي يذكر فيلم بيارة الموت الذي قدم فيه دورًا جديدًا يجمع بين الدراما و"الأكشن" في الوقت ذاته وحقق صدى عالميًّا كبيرًا، والعمل الآخر أوبريت "صوت الموجوعين" الذي تناول قضايا حقوق المرأة، ومنها الميراث، فمزج بين الأداءين التمثيلي والغنائي.
يقول غازي: "إن قطاع غزة يفتقر لوجود أكاديمية لتدريس المسرح والفنون التمثيلية الأخرى"؛ فكيف يطور موهبته؟ يجيب: "الشغف بالتمثيل، والممارسة العملية، والاحتكاك بالعديد من المخرجين جعلتني أكتسب خبرات مختلفة منهم، إذ تعاملت مع نحو 15 مخرجًا، إضافة إلى متابعتي مقاطع عبر (يوتيوب)".
ومن التحديات التي يواجهها الممثل في قطاع غزة يذكر أن أجره متدنٍّ مقارنة بما يحصل عليه أي ممثل في الدول العربية المجاورة، فهو يعادل دور "كومبارس" لديهم، وكثير منهم يعاني وضعًا اقتصاديًّا متدنيًا يضطره إلى العمل في أي مهنة يكسب منها دخلًا يعينه على متطلبات الحياة.
ويطالب غازي بعقد دورات تدريبية لتعليم التمثيل المسرحي والدرامي، منبهًا في الوقت نفسه إلى عدم وجود فرصة للسفر للالتحاق بدورات فنية في الدول العربية، بسبب ظروف إغلاق معبر رفح البري.
ويدعو إلى توفير الدعم اللازم للممثلين وتغطية نفقات رحلاتهم.
ويطمح غازي إلى النجومية والعالمية بالمشاركة في أعمال فنية خارجية.