قائمة الموقع

"علي".. فتى متعدد المواهب يكتشفها بنفسه ويعلمها لغيره

2021-01-25T09:44:00+02:00

مدرج صغير خشبي كانت تستعين به والدته لتتمكن من الوصول للأدوات المرتفعة كان يغطيه بشرشف أبيض، يعتليه وكأنه المنصة وأمامه جمهور من الناس، فيقف والخوف يملأ قلبه رغم عدم وجود أحد أمامه، ويؤدي كل فقرات المهرجان من مقدم وقارئ للقرآن وغيرهما، ولم يكن حينها يتجاوز من عمره عدة أعوام، لم ينتبه أحد لموهبة علي وسار بها بمفرده علّ أحدًا يكتشفها ويسير بها معه لبر الأمان.

الفتى علي الجعفراوي (15 عامًا) يسكن في مدينة غزة، ويدرس في إحدى مدارسها، يعد موهبته عبارة عن نظام أساسي في الحياة، ولا يمكن أن يستغني عنها كما لو أنها "ابنته" كما يصفها، يمتلك العديد من المواهب في إلقاء الشعر وكتابته، والتصوير والمونتاج، ومعلق صوتي.

في الصف الثاني بدأت تظهر موهبة الشعر وإلقائه جليًّا، فكان يقام حفل المدرسة، ويبحث معلمه عن طالب ليلقي الشعر، فتدرب على إحدى القصائد الموجودة في كتابه المدرسي، وألقاها أمام معلمه فأعجبه وكانت له أول مشاركة.

يقول علي لصحيفة "فلسطين" بلهجة الواثق في نفسه: "هذا الإلقاء كان بمنزلة اكتشافي لموهبة إلقاء الشعر، وبعدها عملت على البحث عن موهبتي: هل تقتصر على الإلقاء فقط أم الكتابة أيضًا؟ فالتحقت ببرنامج الأديب الفلسطيني عام 2017م، وتدربت على كتابة الشعر وتعرفت إلى أقسامه وبحوره".

وبعدها أصبح سليل قلمه لم يتوقف فيكتب بمفرده، ويعرض ما يكتبه على شعراء ويعدل عليه حتى بات متقنًا للشعر، ليكتب للوطن والأرض والحق، وشارك في مسابقات محلية وحاز فيها المراكز الأولى، وأخيرًا حصد المركز الأول في مسابقة "موهبتك من بيتك" التي تقيمها هيئة الشباب والثقافة في مجال الإلقاء.

ويشير إلى أنه لم يقتصر في العلم الذي تعلمه على نفسه بل بات يعلمه للأطفال في جيله، فيستثمر تجمعهم في الحارة، أو في وقت الفسحة المدرسية وغيرها.

أما موهبة التصوير فمهما يحاول بعضٌ إبعاده عنها، وإقناعه بعدم الجدوى منها مستقبلًا؛ فإنه سيبقى مستمسكًا بها، ويستذكر أنه لما كان في مرحلة رياض الأطفال كان يستعين بجوال والديه لأجل ممارسة شغفه وحبه، حتى إنه في فعاليات روضته كان يحمل الجوال بيديه الصغيرتين ويصور الاحتفال من بدايته حتى نهايته بأحد جوالات نوكيا، ولا يكترث ليديه المتراقصتين.

ويتابع حديثه: "شعرت بأعراض الموهبة وعملت على تطويرها بفضل تشجيع والدي بالحصول على دورات تتعلق بالتصوير والمونتاج، ولم أقتصر على ذلك، بل عمدت إلى التدريب الذاتي في البيت، وكنت أخلق جوًّا خاصًّا بوضع إضاءة من فوانيس رمضان، وتشغيل سماعات، فأشعر كأني بفرح وأنا المصور".

وعلى سنه الصغيرة باتت لديه معرفة بأنواع الكاميرات، وبرامج التصميم والمونتاج، ويعقد دورات تدريبية في ذلك المجال لأبناء جيله.

وفي مدة انقطاع الدوام المدرسي كان الاقتصار على التعليم الإلكتروني فرصة لتطوير أدائه في التصوير، حتى بات ينتج فيديوهات كوميدية من ألفها إلى يائها.

وفيما يتعلق بالعقبات ذاكرته لا تنسى ولا تغفر للاحتلال الإسرائيلي جريمته بقصفه برج الظافر الذي كان يقطن به، حيث أحلامه وألعابه ومذكراته التي ذهبت جميعها أدراج الرياح، إلى جانب الحصار الذي يحكم سيطرته ويغلق المعابر فتحرمه وغيره من أصحاب المواهب المشاركات الخارجية.

ويطمح علي أن يصبح في المستقبل طبيبًا، ولكنه لن يستغني عن التصوير الذي سيمارسه في مهنته بتصوير العمليات الجراحية وفعاليات المستشفيات والمؤتمرات وغيرها، وإذا لم يحالفه الحظ فإنه سيلتحق بدراسة الصحافة والإعلام.

اخبار ذات صلة