فلسطين أون لاين

"أبو هريرات الأقصى".. بقوافل الصلاة "أنار أبصار" المكفوفين

...
غسان يونس
القدس المحتلة-غزة/ صفاء عاشور:

لن تجد أفضل من صديق قديم للحديث عن ذكرياته مع إنسان شاركه في الحلم والهدف، وهذا ما كان بين خير الشيمي وغسان يونس المعروف بـ"أبي هريرات الأقصى"، اللذين على اختلاف مكان سكناهما وحدتهما مدينة القدس والرباط في المسجد الأقصى.

ذكريات تعود إلى ما قبل 30 عامًا عندما تعرف الشيمي إلى يونس، الذي أثارت وفاته أول من أمس حزنًا عميقًا في نفوس الفلسطينيين عامة والمقدسيين خاصة، وقد اكتسب صفة "أبي هريرات الأقصى" لحرصه الدائم على إطعامهن وتوفير الغذاء لهن، وإن كان غير موجود.

في حديث مع صحيفة "فلسطين" يقول الشيمي: "أبو أيمن (يونس) شخصية فريدة من نوعها، تستطيع ترك بصمتها في أي مكان بكل سهولة ومن الصعب بعد ذلك نسيانها، فكيف لو حدثتكم عن ذكريات امتدت على مدار 30 عامًا، مررنا خلالها بالكثير من الأحداث التي كان الأقصى هو الجامع الأول والأخير لها؟!".

"أبو أيمن كان من رواد الأقصى والمحبين له، حتى إنه من شدة تعلقه بالوجود فيه كان يستأجر شقة مدة أسبوع أو 10 أيام يقضيها في القدس، ليكون قريبًا من الأقصى للصلاة فيه، ولمساعدة كل من يحتاج له" يتابع كلامه.

ويضيف الشيمي: "بعدما تعرفت إليه بمدة قصيرة وجدته يعمل على تنظيم رحلات لفاقدي البصر الراغبين بالذهاب إلى الأقصى والصلاة فيه، وكان هذا الأمر قبل نشاط رحلات الرباط والصلاة في الأقصى بزمن".

ويؤكد أن تأثير هذه الرحلات على الفلسطينيين الفاقدي البصر كبير، فهم ظنوا أنهم حرموا بصرهم والنظر إلى الأقصى، ولكن كان أبو أيمن بالرحلات التي ينظمها يحيي الأمل في نفوسهم من جديد.

ويوضح أن حقيبة الكتف التي كانت ملازمة له في كل رحلة من رحلاته إلى المسجد الأقصى ستشهد له بمقدار السعادة التي كان يدخلها على الصغار والكبار عند قدومه، فهو منذ أن تطأ قدماه ساحة المسجد حتى يهدي إلى كل صغير أمامه هدية صغيرة تجعله يربط هذه الفرحة بوجوده في الأقصى.

ويلفت الشيمي إلى أن استمرار مجيء أبي أيمن إلى المسجد الأقصى وأجواء الفرح التي كان يصنعها عند قدومه أزعجا جنود الاحتلال، فأبعدوه عن المسجد الكثير من المرات.

إلا أن هذه الإبعادات لم تجعله يعزف عن القدوم لمدينة القدس والمشاركة في فعاليات احتجاجية على أبواب المدينة، وهو ما كان يزيد من انزعاج جنود الاحتلال.

ويشدد الشيمي على أن كل مكان في مدينة القدس سيفتقد أبا أيمن؛ فهرره ستشعر بغيابه، والفتيات الصغيرات سيشعرن باختفاء من كان يهدي لن الحلي الجميلة التي تزين أصابعهن ورؤوسهن.

وكان غسان يونس قد اشتهر بابتسامته التي لا تفارق وجه، وحقيبة ظهر تحوي كل أسباب السعادة التي يمكن أن تدخل على قلب الإنسان والحيوان، كما أن حجارة القدس والأقصى تعرفه وتحفظ خطواته ومواقفه، سيدات وأطفال ورجال الأقصى لهم معه من الذكريات التي لن يمحيها أي احتلال أو استيطان.

فالمرابط "أبو أيمن" له في الأقصى والقدس ذكريات قديمة، وولاء ووفاء لهذه المدينة التي كان همها هو أول اهتماماته، والصلاة فيها أكبر أحلامه، لذلك لم يتوانَ عن تحقيق هذا الحلم له ولغيره.

وتوفي المرابط يونس، من بلدة عارة في الأراضي الفلسطينية المحتلة سنة 1948م، متأثرًا بإصابته بفيروس كورونا.