فلسطين أون لاين

2.17 مليار دولار ديون متراكمة للمصارف على حكومة رام الله

تقرير اقتصاديون: تجاوز الخطر يتطلب احتياطيًّا يعادل قيمة الاقتراض بثلاثة أضعاف

...
صورة تعبيرية
رام الله-غزة/ رامي رمانة:

يشكل بلوغ القروض والتسهيلات الائتمانية المستحقة على حكومة رام الله لصالح البنوك العاملة في السوق المحلي 2.17 مليار دولار تحدياً مالياً ينعكس سلباً على المواطن، حيث ستنخفض الخدمات الحكومية وستزيد الضرائب زيادة ملحوظة.

وإزاء ذلك يرى اختصاصيون اقتصاديون أن تجاوز الخطر يتطلب احتياطيا يعادل قيمة الاقتراض بثلاثة أضعاف على الأقل، لاسيما وأن المدة التي تحتاج إليها الحكومة للتعافي من مسؤولية القروض وتبعياتها تتجاوز سنوات حسب قيمة القرض وما يساويه في الميزانية.

وتحولت البنوك إلى مصدر التمويل الأبرز للحكومة خلال العام الماضي، بعد عدم التجاوب العربي مع طلبات تقديم قرض مجمع للسلطة الفلسطينية.

وأظهرت بيانات رسمية صادرة عن سلطة النقد أن إجمالي القروض والتسهيلات الائتمانية المستحقة بلغت 2.17 مليار دولار حتى نهاية نوفمبر الماضي.

وذكرت سلطة النقد أن القروض ارتفعت على أساس شهري من 2.038 مليار دولار بنهاية أكتوبر الماضي، وعلى أساس سنوي صعدت قيمة القروض والتسهيلات الائتمانية المقدمة من البنوك للحكومة بنسبة 56.1% ارتفاعاً من 1.393 مليار دولار حتى نهاية نوفمبر 2019.

ويعقب الاختصاصي الاقتصادي د. وليد الجدي، بخصوص استدانة الحكومة من البنوك بالقول إنه طبيعي في ظل الركود الاقتصادي الذي يشهده العالم في ظل ظروف كورونا.

لكنه يبين أن القروض تلجأ لها العديد من الدول بشروط مشددة، حيث يجب على الحكومات المقترضة أن يكون عندها احتياطي تأمين مثل سندات أو ذهب أو موارد تعادل قيمة الاقتراض بثلاثة أضعاف على الأقل "وهو غير متوافر لدى الحكومة الفلسطينية حيث لا يوجد اعتماد على أي احتياطي نقدي أو أصول أو موارد، وكل هذه الضمانات في علم الغيب لأنها تعتمد على المقاصة والضرائب والمنح".

ولهذا السبب فإن لجوء الحكومة للاقتراض شر لا بد منه ولا يوجد بديل في الوقت الحالي يقول الجدي. ولكن الأهم هو: ما هو الأثر السلبي على الاقتراض وتأثيره على الاقتصاد؟ هكذا يتساءل.

وعن أيهما أكثر تأثراً البنوك أم الحكومة في حالة زيادة الاستدانة يجيب الجدي: "إن البنك لا يتأثر من هذا الموضوع لأنه استثمر أمواله سواء داخليا أو خارجيا، وفي ظل هذا الركود ففرصة التمويل الذي ينتهجها البنك هي مكسب له، حيث ان البنوك العالمية الان تنتهج التمويل والاقراض لتلاشي العجز المالي في الارباح عندها. ولهذا فالبنوك لا تتأثر اطلاقاً من اقراض الحكومة".

وأضاف "أن الحكومة هي المتأثر الاول من الاقتراض وينعكس على المواطن في نهاية المطاف، فقيمة الفوائد على القروض التي تعادل ما بين 6-10% مبالغ عالية، كما أن عملية توفير المبلغ الاساسي في الميزانية أصبح صعبا في ظل الظروف الحالية فما بالكم في توفير فوائد القرض وعندما تعجز الحكومة عن توفير الميزانية من مصادرها الطبيعية؟ فهذا يؤثر سلبا على مناحي الحياة المستقبلية فهنا ستنخفض الخدمات التي يتمتع بها المواطن وستزيد الضرائب بشكل ملحوظ".

وذكر في هذا الصدد أن المدة التي تحتاجها الحكومة للتعافي من مسؤولية القروض وتبعياتها تتجاوز سنوات حسب قيمة القرض وما يساويه في الميزانية.

بمعنى "انه لو كانت ميزانية الحكومة 3 مليارات دولار سنوياً وكانت ايرادات وتمويل الحكومة الفعلي 3 مليارات في العام سيكون الميزان التجاري نهاية العام متعادلا وسليما، وفي حالة ان الايرادات والتمويل الذي كان يفترض به 3 مليارات لم يوفر الا 2 مليار بهذا هناك خلل سيكون في الميزانية مقداره 33.3% وهذا على مدار سنة واحدة ، بالتالي فإن التعافي من هذا العجز يحتاج الى عامين ولهذا فإن الاقتراض هو وسيلة مؤقتة لسد العجز وليس الحل، وفي النهاية الاثر سلبي على المواطن لأنه سيلاحظ انخفاض الخدمات".

وشكلت القروض والتسهيلات الائتمانية الموجهة للحكومة برام الله ( 21.75% ) من اجمالي القروض البالغة قرابة 10 مليارات دولار أمريكي، ولا تشمل هذه النسبة القروض الموجهة لموظفي القطاع العام لفلسطين.

ويأتي ارتفاع القروض المصرفية الموجهة للحكومة بسبب تعرض الأخيرة إلى أزمة نقص في وفرة السيولة المالية بسبب أزمة مقاصة مع الاحتلال بدأت منذ يونيو حزيران حتى نهاية نوفمبر الماضي.

وبسبب ازمة شح وفرة السيولة اضطرت الحكومة لصرف أنصاف رواتب موظفيها العمومين المدنيين والعسكريين منذ راتب مايو الماضي حتى اكتوبر الماضي بحد أدنى 1750 شيقلا.

الاختصاصي الاقتصادي خالد أبو عامر يقول إن السلطة تعاني أزمة مالية ليست وليدة اللحظة أو يمكن حصرها في أزمة وباء كورونا التي بدت من مطلع العام الماضي وما تزال ارتداداتها قائمة حتى اللحظة، لذلك فالأزمة تعود جذورها إلى عام 2015 حينما تقلص الدعم الخارجي الذي تتلقاه السلطة من دول العالم بنسبة تصل إلى 60%، من 1.6 مليار دولار إلى أقل من 500 مليون دولار سنويا.

وأضاف أبو عامر لصحيفة "فلسطين" أن هذه التقليصات دفعت السلطة إلى البحث عن مصادر تمويل داخلية وخارجية، ما أدى إلى وصول الدين العام للسلطة إلى مستوى 11.4 مليار شيقل، من بينها 7 مليارات شيقل دين محلي والمبلغ المتبقي 4.4 مليارات شيقل من مؤسسات مالية خارجية كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي.

وبين أبو عامر أن تراجع الدعم الخارجي أدى إلى تراكم العجز في الموازنة لتعاني السلطة أزمة أخرى وهي تراكم المتأخرات على الموازنة التي وصلت إلى 24 مليار شيقل، كل ذلك ستكون له تداعيات كبيرة على الاستقرار المالي للموازنة الفلسطينية وسيُخضع السلطة إلى تغيير أولويات التنمية بالنسبة لها من أولوية التنمية والتوسع الاقتصادي إلى أولوية تسديد المتأخرات المالية وتخفيض عجز الموازنة.